95/11/04
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: نظريّة المحقّق الخوئي حول جريان الاُصول في الأطراف
أقول: ولكن يمكن أن يناقش في نقضه بأنّ المراد من الممثّل عليه هل هو متيقّن النجاسة في أحد الإنائين، المعيّن في الخارج، أو المردّد بينهما قبل هذا العلم الإجمالي أم لا ؟
والظاهر كون المراد هو الأوّل، وإلاّ كان الثاني حكمه من حيث الإجمال والتردّد كالعلم الإجمالي الثاني، فلا أثر لازدياد العلم الإجمالي من حيث الإشكال، إذ كما قيل في الأوّل يُقال في الثاني .
فعلى الأوّل يُقال: كيف أجاب بأنّ سبق التيقّن في نجاسة أحد الإنائين لا يضرّ بالعلم التكليف الفعلي المردّد بين كونه ثابتاً من الأوّل وحدوثه، مع أنّ عروضالنجاسهالثانية بالنسبة إلى الإناء المتنجّس ممّا لا أثر له، ولا يوجبُ تكليفاً جديداً، حتّى لو علم به تفصيلاً، إلاّ أن يترتّب عليه أثرٌ بخصوصه مثل نجاسة الملازمة لتعدّد الغَسل كالبول، هذا بخلاف النجاسة بالنسبة إلى الإناء الآخر، حيث يوجبُ حدوث تكليفٍ جديدٍ، وهو وجوب الاجتناب، فحيث كان مشكوكاً بدويّاً يدخل تحت أصالة الطهارة باستصحابها أو قاعدتها أو أصالة البراءة بمثل رفع، هذا بخلاف ما نحن فيه حيث لا يزاحم العلم الإجمالي من حيث التنجيز شيءٌ، فلا مانع بأن يقال بأنّ التكليف الواصل لابدّ له من الامتثال والفراغ قطعاً، وهو لايحصل إلاّ بالاجتناب عن كليهما، فقياس المقام بما نَقَضه قياسٌ مع الفارق، كما لا يخفى على المتأمّل الدقيق.
وإن فرض وجود أثر جديد في نجاسة أحدهما المتيقّن، فلا يبعد أن يكون العلم الإجمالي هنا كالعلم الإجمالي في غيره.
وأمّا ما ذكره في قوله: (إن شئتَ قلتَ.. إلى آخره)، فالجواب عنه أوّلاً: بأنـّه لا يوجب حلّ الدعوى، لأنّ قاعدة الفراغ والتجاوز يمكن أن تكون أمارة لا أصلاً كما هو كذلك عند بعض، ونحن في صدد بيان الحكم الظاهري بواسطة الأصل لا الأمارة.
وثانياً: لو سلّمنا كونهما أصلاً، فيمكن أن يكون له وجهٌ آخر وجواب غير هذا كما سينبّه عليه عن قريب إن شاء الله تعالى، وإلاّ كان العلم الإجمالي مع التفصيلي مشتركاً في المنع والجواز؛ لأنّ كليهما كشفٌ حقيقي للحكم الواقعي، فلا يصحّ الحكم بخلاف ما تعلّق به العلم والترخيص بترك متعلّقه فيما يعلم عدم رضاية المولى بتركه.
وأمّا ما يرد على جوابه الحَلّي: أنّ الكلام في أنّ مطلق الشكّ هل يكفي في جريان الاُصول في مجراه، أو إنّما يجري فيما لا يزاحمه علمٌ كما في المقام وفي مثل الشبهات البدويّة، فادّعائه بكونه من القسم الأوّل من دون ذكر دليلٍ عليه يكون شبيهاً بدعوى بلا برهان، كما لا يخفى .
فما ذكره في الرّد لمنع جريان الاُصول، لم يكن خالياً عن الإشكال، ولازمه عدم جريان الاُصول في أطراف العلم الإجمالي إذا كانت الأطراف محصورة في مرحلة الثبوت، ولم يأت بشيء يوجبُ خلاف ذلك، وإن زعم بما قرّره من عدم المانع لجريانها، لكن قد عرفت الإشكال فيه .