درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: قاعدة الاشتغال

 

وعليه، فما أورده صاحب «عناية الاُصول» على كلام صاحب «الكفاية» ليس كما ينبغي.

أقول: ثمّ قد ينسب إلى صاحب «الكفاية» أنـّه قصد بتلك العبارة دعوى الملازمة بين جعل الحكم الظاهري في بعض الأطراف، وجعله في جميعها إمكاناً وامتناعاً؛ بمعنى أنـّه متى أمكن في كلّ موردٍ جعل الحكم الظاهري في بعض أطرافه لأجل عدم فعليّة الحكم، فكذلك يمكن جعل الحكم الظاهري في جميع أطرافه،وهكذا في عكسه؛ أي كلّما لا يمكن جعله في تمام الأطراف لأجل فعليّته، فلا يمكن جعلها في بعض أطرافه، وعلّل المحقّق الخوئي كلامه ـ كما في «مصباح الاُصول» ـ بأنـّه كما لا يُعقل القطع بثبوت المتضادّين، كذلك لا يعقل احتمال ثبوتهما أيضاً .

ثمّ أورد عليه بقوله: (وفيه: إنّ فعليّة الحكم إنّما هي بفعليّة موضوعه بما له من الأجزاء والقيود، فإنّ نسبة الحكم إلى موضوعه أشبه شيء بنسبة المعلول إلى علّته التامّة،فيستحيل‌تخلّف‌الحكم‌عن‌موضوعه،وإلاّ لم‌يكن‌مافُرض‌موضوعاًموضوعاً، وهو خُلف. وحينئذٍ فلو أراد من قوله: (إنّ الحكم الواقعي قد لا يكون فعليّاً من جميع الجهات) أنّ العلم التفصيلي مأخوذٌ في موضوعه كما يظهر من قوله رحمه‌الله: (إن علم به المكلّف يكون فعليّاً).

فيردّه: الإجماع والروايات الدالّة على اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل، مضافاً إلى كونه خروجاً عن محلّ الكلام، فإنّ البحث عن تنجيز العلم الإجمالي إنّما هو بعد الفراغ عن عدم اختصاص الأحكام بالعالمين.

وإن أراد أنّ العلم لم يُؤخذ في موضوع الحكم الواقعي ، ومع ذلك لا يكون فعليّاً قبل العلم به ، ففيه أنـّه غير معقولٍ ، لاستلزامه الخلف على ما تقدّم بيانه)،انتهى[1] .

وفيه ما لا يخفى أوّلاً : أنـّه ليس في كلام المحقّق الخراساني رحمه‌الله إشارة إلى الملازمة بين الترخيص في كلّ الأطراف وبعضها إمكاناً وامتناعاً. اللهمَّ إلاّ أن يقال إنّ هذا مقتضى مفاد كلامه، حيث جعل تمام الملاك في المنع عن الترخيص هو فعليّة الحكم الواقعي في العلم الإجمالي وعدمه. مع أنـّه قابلٌ للمنع بأن يقال: على فرض عدم كون الحكم فعليّاً من جميع الجهات، يصحّ إجراء الاُصول في بعض الأطراف دون تمامها، بخلاف حال فعليّة الحكم من جميع الجهات، حيث لا يجوز الترخيص في شيءٍ منها كما لا يجوز في تمامها.

وثانياً: إمكان أن لا يكون مقصوده من الفعليّة هو لزوم كون الحكم معلوماً بالتفصيل، لأنـّه لا يناسب مع ما جعله مقسماً بقوله: (إن كان التكليف المعلوم بينهما.. إلى آخره). الظاهر بكونه معلوماً بالإجمال، وجعله قسمين من الفعلي من جميع الجهات، وغير فعلي، فلابدّ أن يكون مراده عدم الفعليّة من ناحية اُخرى غير العلم، مثل خروجه عن مورد الابتلاء أو الاضطرار، أو استلزام العُسر والحَرَج والاختلال في النظام وأمثال ذلك، كما قد يؤيّد ما ذكرنا كلامه في ذيل المسألة بعدما فرض فعليّة الحكم من جميع الجهات فأوجبَ عقلاً تحصيل موافقته مطلقاً، سواءً كانت أطرافه محضورة أو غير محصورة، وإنّما التفاوت بين المحصورة وغيرها، هو أنّ عدم الحصر ربّما يلازم ما يمنع عن فعليّة المعلوم مع كونه فعليّاً لولاه من سائر الجهات.

فبناءًعلى_'feهذا لايبعد أن نعتبر صاحب «الكفاية» ممّن لايرى‌جواز الترخيص في أطراف العلم الإجمالي فيما نحن بصدده؛ أي في العلم الإجمالي الذي لا يتوهّم قيام مانع عن تنجّزه إلاّ الإجمال والتردّد دون غيره، ممّا سيأتي بحثه.

فالأولى أن يُقال: بأنّ العلم الإجمالي علّة تامّة للبعث والزجر عند العقلاء كالعلم التفصيلي، لكون كلّ منهما كشفاً حقيقيّاً بالنسبة إلى معلومه، ولا يجوز عند العقل فيما عُلم عدم رضا المولى في فعل شيء أو تركه أن يُرخّص خلافه، بل يستحيل ذلك، لاستلزامه القول بالجمع بين المتناقضين بحسب الإرادة والكراهة، ولو كان في بعض الأطراف.

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 349.