95/10/29
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: قاعدة الاشتغال
فأورد عليه ثانياً: على فرض تسليم كون العلم مقتضياً للتنجيز فيما لم يكن فعليّاً من جميع الجهات، ولكن لا يوجب مجرّد ذلك عدم وجوب الاحتياط في الأطراف، وجواز جريان الاُصول فيها بدعوى شمول الأدلّة الشرعيّة والاُصول لها من دون مانع عقلاً ولا شرعاً، لأنـّه كيف يمكن فرض ذلك مع أنّ الاُصول متعارضة في أطرافه، وكفى بذلك مانعاً عقليّاً، فلازم ذلك هو وجوب الاحتياط في العلم الإجمالي سواءً قلنا بالاقتضاء أو العليّة. غاية الأمر لو قلنا بالعليّة فنفس العلم يكون منجّزاً وإلاّ كان العلم بضميمة تعارض الاُصول في أطرافه مؤثّراً في تنجّز التكليف بالفعل.
ويرد عليه أوّلاً: أنـّه يمكن أن يُقال إنّه مخالفٌ لما فرضه المحقّق الخراساني قدسسرهلأنـّه قد فرض كون التكليف غير فعليّ من جميع الجهات، إذ لا معنى لذلك إلاّ من جهة فقدان شيء أو وجود مانعٍ لفعليّة التكليف، وإلاّ كيف يمكن فرض تماميّة شرائط التكليف في العلم، وبرغم ذلك لم يكن فعليّاً، فالمانع يمكن أن يكون شيئاً آخر غير تعارض الاُصول في أطرافه، ولعلّه كان بلحاظ الملاك كذلك ، مع أنـّه لا يجتمع القول بعدم فعليّة التكليف مع القول بوجود مقتضيه ، مع عدم المانع المساوق لفعليّته ، كما لا يخفى . وعليه فالإشكالُ المذكور غير وارد عليه.
وثانياً: يرد عليه هذا الإشكال في الغير المحصورة، لوجود العلم هناك مع تعارض الاُصول في كلّ فردٍ فرد، فكيف يجوز الترخيص فيه؟
ثمّ أورد عليه ثالثاً: بأنـّه على فرض تسليم عدم وجوب الاحتياط في الاقتضاء في العلم الإجمالي دون العليّة، فما المميّز في مقام الإثبات، وبماذا يُعرف أنّ العلم الإجمالي الحاصل بحرمة أحد الأمرين، هل هو من القسم الذي لم يكن فعليّاً، أو من القسم الذي كان فعليّاً من جميع الجهات؟ أي هل هو من الاقتضاء أو العليّة حتّى لا يجب الاحتياط في الأوّل دون الثاني ؟
ولكن يمكن أن يُجاب عنه: بإمكان تحصيل ذلك من طريقنفسالأدلّهالشرعيّة المجعولة، حيث إنّا نقطع بأنّ المولى الحكيم لا يتناقض في أفعاله وأقواله، فحيث حكم بالترخيص في مثل الشبهات البدويّة أو الشبهات غير المحصورة، يفهم من ذلك بأنّ العلم هنا يعدّ من قسم الاقتضاء لا العليّة، فلا يجب فيه الاحتياط.