95/10/12
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: دوران الأمر بين المحذورين عند تعدّد الواقعة
المقام الخامس : ويدور البحث فيه عن دوران الأمر بين المحذورين مع تعدّد الواقعة.
أقول: والتعدّد تارةً يكون عَرَضيّاً، واُخرى يكون طوليّاً.
فأمّا القسم الأوّل: فهو كما لو علم إجمالاً بصدور حلفين تعلّق أحدهما بوطئ امرأةٍ، والآخر بتركه لامرأة اُخرى، ثمّ اشتبه له الأمر بين المرأتين، ولا يدري أيّتهما محرمة الوطئ والاُخرى واجبة .
قال المحقّق الخوئي رحمهالله في «مصباح الاُصول»:
(فقد يقال بالتخيير بين الفعل والترك في كلّ منهما، بدعوى أنّ كلاًّ منهما من موارد دوران الأمر بين المحذورين، مع استحالة الموافقهالقطعيّة والمخالفهالقطعيّة في كلّ منهما، فيحكم بالتخيير، فجاز الإتيان بكلا الأمرين كما جاز تركهما معاً.
ثمّ قال: ولكنّه خلاف التحقيق، لأنّ العلم الإجمالي بالالتزام المردّد بين الوجوب والحرمة في كلّ من الأمرين، وإن لم يكن له أثرٌ، لاستحالة الموافقة القطعيّة والمخالفة القطعيّة في كلّ منهما كما ذكر، إلاّ أنـّه يتولّد في المقام علمان إجماليّان آخران، أحدهما: العلم الإجمالي بوجوب أحد الفعلين، والثاني: العلم الإجمالي بحرمة أحدهما، والعلم الإجمالي بالوجوب يقتضي الإتيان بهما تحصيلاً للموافقة القطعيّة، كما أنّ العلم الإجمالي بالحرمة يقتضي تركهما معاً كذلك، وحيث أنّ الجمع بين الفعلين والتركين معاً مستحيلٌ، يسقط العلمان عن التنجيز بالنسبة إلى الموافقة القطعيّة، ولكن يمكن مخالفتهما القطعيّة بإيجاد الفعلين أو بتركهما ، فلا مانع من تنجيز كلّ منهما بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة ، فإنّها المقدار الممكن على ما تقدّم بيانه، وعليه فاللاّزم هو اختيار أحد الفعلين وترك الآخر تحصيلاً للموافقة الاحتماليّة، وحَذراً من المخالفة القطعيّة)، انتهى محلّ الحاجة[1] .
أقول: ولا يخفى ما في كلامه من الإشكال؛ لأنّ العلمين الإجماليّين بوجوب أحدهما وحرمة الآخر ليس معناه إلاّ العلم الإجمالي بوجوب أحدهما وحرمة الآخر بعد عروض الاشتباه والاختلاط؛ لأنّ المفروض أنّ زمان عروض الاشتباه عبارة عن زمان العلم الإجمالي بوجوب المضاجعة مع إحداهنّ أو حرمتها كذلك، فإذا ضاجعهما معاً فكما يقطع بحصول الموافقة القطعيّة لإحداهما، يقطع كذلك بحصول المخالفة القطعيّة للاُخرى، كما كان كذلك لو تركهما معاً، بأن امتنع عن الجماع معهما، حيث يقطع بحصول الموافقة والمخالفة القطعيّة قطعاً، هذا بخلاف ما لو جامع إحداهنّ دون الاُخرى فإنّه لا يقطع بحصول شيء منهما، بل الحاصل حينئذٍ هو الموافقة الاحتماليّة، والمخالفة الاحتماليّة بالنسبة إلى كلّ واحدٍ منهما،