95/10/07
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: حكم دوران الأمر بين الشرطيّة والمانعيّة
وأمّا لو بنينا على حرمة القطع حتّى لمثل المقام، كان الحكم بالتخيير في محلّه، لكن لا لأجل دوران الأمر بين الجزئيّة والشرطيّة، بل من جهة دوران الأمر بين حرمة الفعل وتركه .
وإن شئت قلت: ا ءنّ لنا في المقام علمين إجماليّين:
أحدهما: العلم الإجمالي بثبوت إلزام متعلّق بطبيعي العمل المردّد بين ما يؤتى فيه بالجزء المشكوك فيه، وما يكون فاقداً له.
ثانيهما: العلم الإجمالي بحرمة الجزء المشكوك فيه ووجوبه، لدوران الأمر فيه بين الجزئيّة الموجبة لوجوبه، والمانعيّة المقتضية لحرمته، لكونه مبطلاً للعمل.
والعلم الثاني وإن كان لا يترتّب عليه أثرٌ ـ لعدم التمكّن لا من الموافقة القطعيّة ولا من المخالفة القطعيّة، فيحكم بالتخيير بين الإتيان بالجزء المشكوك فيه وتركه ـ إلاّ أنّ العلم الإجمالي الأوّل يقتضي إعادة الصلاة تحصيلاً للفراغ اليقيني.
هذا تمام الكلام المستدلّ به في الصورهالاُولى كما في«مصباحالاُصول»[1] .
أقول: ويرد عليه :
أوّلاً: بما قاله رحمهالله في صورة عدم القول بحرمة القطع، إذ لا إشكال حينئذٍ في جواز الحكم برفع اليد عنها والإتيان بما يوجب رفع الذمّة .
وأمّا إذا قلنا بالحرمة كما هو الأظهر عند الأكثر، أو كان في ضيق الوقت بحيث لو تركها لما تمكّن من الإتيان بها أداءً، فحينئذٍ لا يجوز له رفع اليد عن الصلاة، وعليه فدعواه رحمهالله بأنّ الحكم هنا وإن كان تخييريّاً، إلاّ أنـّه لا لأجل دوران الأمر بين الجزئيّة والشرطيّة، بل من جهة دوران الأمر بين حرمة الفعل وتركه، ممنوعة؛ لأنّ السجدة المشكوكة التي أراد إتيانها تكون مردّدةً بين الجزئيّة والزيادة المبطلة ومثلها تُسمّى بالمانعيّة لا الشرطيّة، ولعلّ مراده رحمهالله المانعيّة، لكن أخطأ الكاتب أو سها فأبدلها بالشرطيّة.
وثانياً: دعواه رحمهالله أنّ كون مقتضى العلم الإجمالي الأوّل ثبوت إلزامٍ متعلّق بطبيعي المردّد بين ما يؤتى فيه بالخبر المشكوك فيه ووجوبه، هو إعادة الصلاة تحصيلاً للفراغ، ممنوعة لأنّ اقتضاء العلم المذكور إنّما يكون بالنسبة إلى الصلاة التي فرض حرمة قطعها، فحيثُ يدور أمرهما بين الفعل والترك، فلا محالة لا يكون العلم الإجمالي منجّزاً في حقّه، فإذا سقط عن التنجّز وأتى وعمل بمقتضى التخيير العقلي، فلا وجه حينئذٍ للحكم بوجوب إعادة الصلاة؛ لأنّ وجوبها فرع إثبات تنجّز التكليف المفروض فقدانه قبل ذلك، ولو شكّ فيه فالمرجع إلى أصل البراءة.
وعليه، فالحقّ في هذه الصورة في جانب الشيخ قدسسره حيث حكم بالتخيير عند دوران الأمر بين المحذورين في الاستقلاليّين.