درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/10/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حكم دوران الأمر بين المحذورين في التعبّديّات

 

المقام الثالث: في دوران الأمر بين المحذورين في واقعةٍ واحدة، فيما إذا كان أحد الحكمين أو كلاهما تعبّديّاً، كما لو دار الأمر بين وجوب الصلاة على المرأة وحرمتها عليها، لاحتمال الطهر والحيض، مع عدم إحراز أحدهما ولو بالاستصحاب، بناءً على حرمة الصلاة على الحائض ذاتاً، بمعنى أن يكون نفس العمل حراماً عليها، ولو مع عدم قصد القربة وانتسابه إلى المولى، ففي مثل ذلك يمكن المخالفة القطعيّة بإتيان العمل بغير قصد القربة، فإنّه على تقدير كونها حائضاً تكون قد فعلت الحرام من حيث نفس العمل، وعلى تقدير عدم كونها حائضاً فقد تركت الواجب، ولأجل ذلك يكون العلم الإجمالي منجّزاً في حقّها، وإن لم يكن لها القدرة على‌الموافقه‌القطعيّة؛ لأنّ‌العمل ـ مع فرض كونها حائض ـ إن كان حراماً لها مع قصد القربة، فحرمته عليها مع قصد القربة يكون بطريق أولى، كما لا يخفى.

أقول: لا بأس هنا بذكر صور ما يتصوّر للعلم الإجمالي من حيث الموافقة القطعيّة ومخالفتها، حتّى يظهر وجه تنجّزه هنا، فنقول:

إنّ للعلم الإجمالي أربعة صور:

الصورة الاُولى: ما يمكن فيها الموافقه‌القطعيّة والمخالفة كذلك، وهو الغالب، مثل ما إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر، حيث يمكن له إتيان الواجب وترك الحرام، فتحصل الموافقة القطعيّة، كما يمكن له المخالفة القطعيّة بترك الأوّل والإتيان بالثاني.

الصورة الثانية: ما لا يمكن فيه الموافقة القطعيّة ولا المخالفة كذلك، وهو كما عرفت في موارد دوران الأمر بين المحذورين، فيما لم يكن شيءٌ من الحكمين المحتملين تعبّديّاً، كالمرأة المتردّدة بين وجوب وطئها أو حرمته، وقد تقدّم حكمه.

الصورة الثالثة: ما يمكن فيه المخالفة القطعيّة دون الموافقة القطعيّة، كالمثال المتقدّم في حقّ المرأة المردّدة بين الطهر والحيض في إتيان الصلاة بدون قصد القربة، ومثل ما لو علم بوجوب أحد الضدّين اللّذين لهما ثالث في زمانٍ واحد، فإنّه يمكن المخالفة القطعيّة بتركهما معاً، ولا يمكن له الموافقة القطعيّة، لعدم إمكان الجمع بين الضدّين في آنٍ واحد.

الصورة الرابعة: ما يمكن فيه الموافقة القطعيّة دون المخالفة، وهو مثل ما لو علم المكلّف بحرمة أحد الضدّين اللّذين لهما ثالث في وقتٍ واحد، فإنّه يمكن له الموافقة القطعيّة بتركهما معاً، ولا يمكن له المخالفة القطعيّة، لاستحالة الجمع بين الضدّين في وقتٍ واحد، لعجز المكلّف عن الإتيان بهما في آنٍ واحد.

وكذا الحال في جميع موارد الشبهات غير المحصورة في الشبهات التحريميّة، حيث يمكن فيها الموافقة القطعيّة بترك جميع الأطراف، دون المخالفة القطعيّة، لعدم إمكان ارتكاب جميع الأطراف.

أقول: هذا كما في «مصباح الاُصول»، لكن في الأخير تأمّل؛ لأنّ تحقّقها منوطة بملاحظة مقدار ما يحصل به الشبهة غير المحصورة، فإنّه لو كانت الأطراف بمقدار يصدق عرفاً أنـّها غير محصورة، فربما ييمكن للمكلّف تحصيل المخالفة القطعيّة بارتكاب جميعها، خصوصاً إذا أجزنا ذلك ولو بالتدريج حيث يقطع المكلّف بحصول المخالفة بعد ارتكاب الجميع في أزمنةٍ متعدّدة.

نعم، قد يتّفق عدم الإمكان لو اعتبرنا وقوع المخالفة في زمان واحد، فهو أقرب بالقبول، ولكن مع تأمّلٍ فيه في بعض الموارد.