درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/09/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن دوران الأمر بين المحذورين في التوصّليّات

 

فأورد عليه ـ كما في «فوائد الاُصول» أوّلاً: (بأنّ أدلّة الإباحة الشرعيّة مختصّة بالشبهات الموضوعيّة، فلا تشمل الأمر بين المحذورين في الشبهات الحكميّة، فالدليل أخصّ من المدّعى)، هذا كما عن «مصباح الاُصول» تبعاً لاُستاذه المحقّق النائيني قدس‌سره في فوائده .

وثانياً: أنّ موردها ما إذا كان الطرف الآخر من الشكّ هو الحلّ في مقابل الحرمة لا الوجوب، كما في المقام، كما هو الظاهر من قوله عليه‌السلام: «كلّ شيء فيه حلالٌ وحرام فهو لك حلال». وهذا الجواب يفيد ويثبت عدم ارتباط هذا الدليل بالمقام مطلقاً؛ أي بلا فرقٍ بين كون الشبهة موضوعيّة أو حكميّة، بخلاف سابقه حيث ينفي الشمول للشبهات الحكميّة فقط .

وثالثاً: دعوى التنافي بين الحكم بالإباحة الظاهريّة مع العلم بجنس الإلزام؛ لأنّ أصالة الإباحة بمدلولها المطابقي، تنافي المعلوم بالإجمال؛ لأنّ مفاد أصالة الإباحة الرخصة في الفعل والترك، وذلك يناقضُ العلم بالإلزام، وإن لم يكن لهذا العلم أثرٌ عمليّ، وكان وجوده كعدمه لا يقتضي التنجيز.

إلاّ أنّ العلم بثبوت الالتزام المولوي حاصلٌ بالوجدان، وهذا العلم لا يجتمعُ مع جعل الإباحة ولو ظاهراً، فإنّ الحكم الظاهري إنّما يكون في مورد الجهل بالحكم الواقعي، فمع العلم به وجداناً لا يمكن جعلُ حكمٍ ظاهري يُناقض بمدلوله المطابقي نفس ما تعلّق العلم به .

إلى أن قال رحمه‌الله في فوائده:

فإنّ جريانها في كلٍّ من طرف الفعل والترك يغني عن جريانها في الطرف الآخر، فإنّ معنى إباحة الفعل وحليّته هو الرخصة في الترك وبالعكس، ولذلك كان مفاد أصالة الحلّ بمدلوله المطابقي، يناقض نفس العذر المشترك المعلوم بالإجمال وهو جنس الإلزام.

فظهر أنّ عدم جريان أصالة الحلّ في دوران الأمر بين المحذورين إنّما هو لعدم انحفاظ رتبتها، لا لأجل مخالفة مؤدّاها للموافقة الإلتزاميّة الواجبة كما قيل، فإنّ الموافقة الالتزاميّة إن كانت بمعنى التديّن بما جاء به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله، والتصديق بالأحكام، والالتزام بها على ما هي عليها، فوجوبها بهذا المعنى وإن كان غير قابلٍ للإنكار، فإنّ الحكم إن كان من الضروريّات فالالتزام به عبارة عن الإيمان والتصديق بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ولذلك كان إنكاره كفراً، وإن لم يكن من الضروريّات، وكان من القطعيّات المذهبيّة، فإنكاره وإن لم يوجب الكفر، إلاّ أنّ عدم الالتزام به يكون من التشريع المحرّم، فتأمّل.

إلاّ أنّ البناء على الإباحة الظاهريّة، لا ينافي هذا الالتزام، فإنّ الالتزام الواجب عند دوران الأمر بين المحذورين، هو الالتزام والتصديق بجنس الالتزام لا بخصوص الوجوب أو الحرمة، فإنّ الالتزام بأحدهما بالخصوص لا يمكن إلاّ مع العلم بالخصوصيّة، وإلاّ كان من التشريع المحرّم.

فالّذي يمكن من الالتزام، هو الالتزام بأنّ للّه‌ تعالى في هذه الواقعة حكماً إلزاميّاً، وذلك لا ينافي البناء على الإباحة والرخصة الظاهريّة في ظرف الجهل بنوع الإلزام.