درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/09/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن دوران الأمر بين المحذورين في التوصّليّات

 

وإن قصد بالتخيير التخيير الموجود في مثل الخبرين المتعارضين؛ أي التخيير في الأخذ بأحدهما حتّى يصير متعيّناً بعد الأخذ ـ إن كان التخيير ابتدائيّاًـ أو يبقى حكم التخيير مستمراً ـ إن كان استمراريّاً ـ حيث يُسمّى بالتخيير في المسألة الاُصوليّة، فمثل هذا المراد مخدوشٌ:

لوجود الفرق بين المقام وبين الممثّل عليه، إذ التكليف الإلزامي هنا ليس متوجّهاً إلاّ إلى الصادر واقعاً من الحكم الإلهي المردّد بين الوجوب والحرمة من الفعل والترك، هذا بخلاف التخيير هناك حيث أنّ القول بالتخيير يكون على القاعدة إن قلنا بالسببيّة والموضوعيّة في الخبرين المتعارضين، لأنّ وجود الملاك محفوظ في كلا الطرفين، فيجب الأخذ بكلّ منهما، فحيثُ لا مجال لفرض دوران أمره بين الوجوب والحرمة فلابدّ من الأخذ بأحدهما تخييراً على القاعدة، وليس الحال في المقام كذلك لوجود الحكم الإلهي في أحدهما المعيّن في الواقع المجهول في الظاهر.

وإن قلنا بالطريقيّة فإنّ التخيير فيه وإن كان مخالفاً للقاعدة؛ لأنّ القاعدة ربما تقتضي التساقط، لأنّ الحجّية ليست إلاّ واحدة منهما، ولكن حيث كان أحد الخبرين واجداً لمناط الطريقيّة ـ في ما لو كان الخبر ثقة مثلاً أو عَدْلاً مرضيّاً أو معمولاً به عند الأصحاب ونحو ذلك ـ مع احتمال إصابته ومطابقته للواقع، فأدلّة الترجيح أو التخيير تجعله حجّة تعييناً أو تخييراً، وأين ذلك عن مثل الدوران بين المحذورين في المقام، حيث أنّ المطلوب هو الالتزام بما صَدَر واقعاً من الحكم الإلهي، وهو حاصلٌ من غير حاجة إلى الالتزام بخصوص أحدهما، فإنّه ربما لايكون إليه بموصل.

نعم، لو كان ملاك التخيير في الخبرين المتعارضين شرعاً هو إبدائهما احتمال الوجوب والحرمة، فالملاك حاصلٌ في المقام كما هو الحال هناك، ولكن دون إثباته خَرطُ القَتاد.

أقول: وكيف كان، فلا يمكن الحكم بالتخيير الشرعي، لعدم وجود دليلٍ عليه لا في الواقع ولا في الظاهر كما لا يخفى.

وأمّا في مقام العمل فإنّ التخيير بنفسه حاصلٌ، وعليه فلا معنى لتوجيه التكليف إلى ما هو حاصلٌ في نفسه؛ لأنّ الطلب لا يزيد فيه شيئاً، وهو واضح.

وأمّا القول الثالث: هو الحكم بالتخيير بينهما عقلاً وبالإباحة شرعاً، وهذا هو الذي اختاره صاحب الكفاية قدس‌سره، حيث أقام الدليل لمختاره في الجزء الأوّل من «الكفاية» بقوله :

(لعدم الترجيح بين الفعل والترك ، إذ العقل يحكم بقبح المؤاخذة على كلٍّ من الفعل والترك ، لأنـّه مجبورٌ على أحدهما من دون رجحانٍ في أحدهما على الآخر).

وأيضاً قال رحمه‌الله في الجزء الثاني من الكتاب المذكور:

(وشمول مثل: «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنـّه حرام» له، ولا مانع عنه عقلاً ولا نقلاً، وقد عرفت أنـّه لا يجبُ موافقة الأحكام التزاماً، ولو وجب لكان الالتزام إجمالاً بما هو الواقع معه ممكناً، والالتزام التفصيلي بأحدهما لو لم يكن تشريعاً محرّماً لما نهض على وجوبه دليلٌ قطعاً)، انتهى محلّ الحاجة.