درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/09/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن دوران الأمر بين المحذورين في التوصّليّات

 

وأمّا دليل الأولويّة: فإنّه لا برهان عليه، بل لم يثبت اهتمام الشارع والفضلاء بأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة، إلاّ إذا أُحرز أهمّية الحرام أو ورد احتمال الأهمّية في جانبه.

وأمّا الجواب عن المرسلة: فإنّه ـ مضافاً إلى قصور سنده بالإرسال ـ فهو أنّ دلالتها قاصرة في التصريح بالأفضليّة والأولويّة دون الوجوب، مضافاً إلى إمكان أن يكون المقصود هو الترغيب إلى أنّ ترك المحرّمات والورع عنها يعدّ أولى من الإتيان بالنوافل والمستحبّات، كقيام‌اللّيل وصيام‌النهار ونحوهما،وهو توجيهٌ‌مقبول.

هذا، مضافاً إلى ما قاله المحقّق الخراساني رحمه‌الله في «كفاية الاُصول» بأنّ: (رُبَّ واجبٍ يكون مقدّماً على الحرام في صورة المزاحمة بلا كلام، فكيف يُقدّم على احتماله احتماله في صورة الدوران بين مثليهما، فافهم)[1] .

ولعلّ‌وجه‌أمره رحمه‌اللهبالتفهّم،هو أنّ‌الخصم ربما لايقول بتقدّم‌جانب‌الحرام‌حتّى‌فيما يحتمل الأهمّية في ناحية الوجوب، ولكن ذلك لا يوجب رفع اليد عن كلامه في صورة التساوي وعدم احتمال الأهمّية، وعليه فالأولى في الجواب هو ما ذكرناه.

هذا كلّه، مع أنّا لو سلّمنا الأولويّة، فإنّما يتمّ فيما إذا كانت المفسدة والمصلحة كلتيهما معلومتين، هذا بخلاف ما لو كان الموجود مجرّد احتمال المفسدة في قِبال المصلحة، إذ لا نُسلّم أولويّته لما قد عرفت من عدم رعاية احتمال المفسدة مع القطع بعدم وجود المصلحة، كما في باب مشتبه الحرمة والإباحة، لما حكمنا بالبراءة فيه، فكيف يُحكم بلزوم رعايته مع وجود احتمال المصلحة أيضاً، فعدم اللّزوم هنا يكون بطريقٍ أولى، هذا إذا لم نقل بوجود المفسدة في ترك الواجب، وإلاّ يعارض احتمال وجود المفسدة في فعل الحرام، مع احتمال وجود المفسدة في ترك الواجب، لما قد قيل في محلّه من أنّ الواجب عبارة عمّا في فعله المصلحة الملزمة، أو المفسدة في تركه، وتحقيق الكلام فيه موكولٌ إلى محلّه، وعليه فالقول الأوّل مخدوشٌ جدّاً.

وأمّا القول الثاني: وهو الحكم بالتخيير بينهما شرعاً، ولعلّ وجهه ملاحظة وجود العلم بأصل التكليف الإلزامي في البين قطعاً، غاية الأمر لا يعلم خصوصيّة أحد التكليفين من الوجوب والحرمة، فالحكم من الشارع موجودٌ قطعاً، لكن لا يعلم أحدهما المعيّن، ولا مرجّح لأحدهما على الآخر، لا علماً ولا احتمالاً، فلا محالة يحكم بالتخيير الشرعي بينهما، هذا.

وفيه: هذه الدعوى مخدوشة، لأنّ المراد من التخيير الشرعي:

إن كان قصد به التخيير المستفاد من الشارع بواسطة الدليل، نظير التخيير المستفاد في خصال الكفّارة، فهو من جهة الكبرى صحيحٌ، ولكن‌الصغرى_'feممنوعة؛ لعدم وجود دليل شرعي هنا يحكم بالتخيير عند الدوران، وإلاّ لما وجد الاختلاف بأقوالٍ شتّى.

وإن قصد به التخيير ولو لم يكن في البين دليلٌ بالخصوص فيه بمقتضى ما ذكره، فالكبرى ممنوعة، لأنـّا لا نسلّم كون مقتضى وجود العلم الإجمالي بأصل التكليف الإلزامي مع الجهل بالخصوصيّة هو الحكم بالتخيير الشرعي،لوجود طرق اُخرى على ذلك من التخيير العقلي، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.

 


[1] كفاية الاُصول: ج2 / 208.