درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/09/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن أصالة التخيير

 

المبحث الثاني من المقصد التاسع: ويدور البحث فيه عن أصالة التخيير، ودوران‌الأمر بين‌المحذورين، ولابدّ قبل الخوض في ذلك من بيان تحديد مورده، وما فيه النزاع بين الأعلام، ليتبيّن موضوع البحث .

تقديم: ظهر ممّا ذكرنا في صدر مبحث البراءة بأنّ الإنسان المكلّف له حالات بالنسبة إلى تكليفه، من حيث‌القطع والظنّ والشكّ،كما أنّ له حالات بالنظر إلى الشكّ المتعلّق بالتكليف حيث تنقسم إلى صور عديدة:

تارةً: يكون شكّه بالنظر إلى أصل التكليف؛ أي لا يعلم توجّه التكليف في الواقعة المبتلى بها إليه وعدمه، فهذا القسم هو الذي بحثنا عنه في مبحث البراءة بما له من‌الأقسام المتصوّرة، في كيفيّة عروض الشكّ والاشتباه: من جهة فقدان النص، أو إجماله، أو تعارض النّصين، أو من جهة عروض أمرٍ خارجي موجبٌ للاشتباه، وقد فرغنا عن مباحثه بما هو الميسور لنا.

واُخرى: يكون الشكّ بالنظر إلى ما يتعلّق به التكليف، بعد العلم بأصل وجود التكليف؛ أي يعلم بأصل التكليف مع الجهل والشكّ بمتعلّقه، وهذا القسم:

تارةً : يكون الشكّ فيه بلحاظ أنـّه لا يعلم بأنّ ما تعلّق به التكليف هو الأقلّ أو الأكثر.

واُخرى: يكون فيه بلحاظ أنّ ما يتعلّق به عبارة عن الشيئين المستقلّين، من دون أن يكون من أفراد الشكّ في الأقلّ والأكثر، وبلا فرق بين كونهما مرتبطين أو غير مرتبطين، فيسمّى ذلك بالشكّ بين المتباينين.

ثمّ على هذين التقديرين :

1 ـ قد يكون الشكّ المتعلّق بالأمر المردّد على نحوٍ يمكن الاحتياط فيه بالامتثال والموافقة القطعيّة، أو تركه بالتخلّف والمخالفة القطعيّة، فهذا هو مبحث قاعدة الاشتغال وأصالة الاحتياط الذي كان بحسب مراتب بيان البحث متقدّماً على مبحث أصالة التخيير، ولكن الأصوليّين أخّروها لأجل كثرة مباحثها، وزيادة الفائدة فيها، وشدّة الاحتياج إلى إعمالها في مباحث الفقه، بخلاف مبحث أصالة التخيير حيث يكون في قبالها من جميع تلك الجهات المذكورة.

2 ـ وقد يكون الشكّ المتعلّق على الأمر المردّد على نحوٍ لا يمكن الاحتياط فيه بتحصيل الموافقة القطعيّة أو المخالفة القطعيّة دائماً، أو في بعض صوره، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى عند البحث عن صورة المخالفة القطعيّة.

والعلّة في عدم إمكان الاحتياط هو كون دوران أمره بين النقيضين من الفعل والترك، حيث يعجز الإنسان عن الجمع بينهما، لأنـّه إمّا تاركٌ أو فاعلٌ، وهذا هو الذي يُسمّى بأصالة التخيير في دوران الأمر بين المحذورين، وهذا هو مورد بحثنا في المقام.