درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/08/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: البحث عن كيفيّة جريان الأصل في المردّد بين العيني والكفائي

 

أقول : ولكن الإنصاف هو القول بالاشتغال مطلقاً على جميع الوجوه؛ لأنّ التكليف بالنسبة إليه قطعي ، إمّا حتّى مع إتيان الغير ، أو مع عدم إتيانه ، فهذا يوجبُ الإشكال.

نعم، الشكّ يحصل بعد إتيان الغير، فحينئذٍ يتوجّه إلى استصحاب الوجوب مع إمكان القول بالاشتغال كما في سابقه. وعليه، فالمختار القويّ عندنا هو الذي ذهب إليه المحقّق النائيني رحمه‌الله .

هذا كلّه تمام الكلام في كيفيّة جريان أصل البراءة في الشبهة التحريميّة والوجوبيّة من جهة فقدان النّص .

وأمّا في الشبهة من جهة إجمال النّص أو تعارض النّصين، فإنّ الحكم فيها كالحكم في سابقها عند فقدان النّص، بلا فرق في مباحثهما من جهة البراءة.

وعليه، فما ذهب إليه صاحب الحدائق من الاحتياط بوجوب الاحتياط عند إجمال النصّ وتعارضه ليس له وجهٌ، كما لا فرق فيما ذكرنا بين كون الشبهة حكميّة أو موضوعيّة، مضافاً إلى كون الثاني مورد اتّفاق‌الاُصوليين والأخباريّين، كما هو مذكورٌ في محلّه .

***

الموضوع: لزوم مراعاة الاحتياط في الشبهات

 

الأمر السادس: من الاُمور المهمّة، البحث عن دفع ما توهّمه بعض الأعلام من وجوب الاحتياط، وعدم جريان البراءة في الشبهات التحريميّة الموضوعيّة، بل وفي الشبهات الوجوبيّة الموضوعيّة أيضاً، بدعوى أنّ الشارع إذا شرّع حكم حرمة الخمر أو وجوب قضاء ما فات من الصلاة، وجب على المكلّف الاجتناب عن كلّ ما احتمل كونه خمراً حتّى يتحقّق الامتثال عنه، وإتيان بكلّ ما يحتمل فوته من الصلاة من باب المقدّمة العلميّة، وعليه لأجل الوقوف على حقيقة هذه الدعوى، فلا بأس بذكر ملخّص كلام الشيخ هنا، قال رحمه‌الله:

(وتوهّم: عدم جريان قبح التكليف بلا بيان هنا، نظراً إلى أنّ الشارع بيّن حكم الخمر، فيجب حينئذٍ اجتناب كلّ ما يُحتمل كونه خمراً من باب المقدّمة العلميّة، فالعقلُ لا يُقبّح العقاب خصوصاً على تقدير مصادفة الحرام.

مدفوعٌ: بأنّ النهي عن الخمر يوجبُ حرمة الأفراد المعلومة تفصيلاً، أو المعلومة إجمالاً، المتردّد بين محصور، والأوّل لا يحتاج إلى مقدّمة علميّة، والثاني يتوقّف على الاجتناب من أطراف الشبهة لا غيرها.

وأمّا ما احتمل كونه خمراً من دون علم إجمالي، فلم يُعلم من النهي تحريمه، وليس مقدّمةً للعلم باجتناب فردٍ محرّم يحسنُ العقاب عليه، فلا فرق بعد فرض عدم‌العلم‌بحرمته،ولا بتحريم خمرٍ يتوقّف‌العلم باجتنابه على‌اجتنابه بين هذا الفرد المُشتبه، وبين الموضوع الكلّي المشتبه حكمه، كشُرب التتن في قبح العقاب عليه.

إلى أن قال: ونظير هذا التوهّم قد وقع في الشبهة الوجوبيّة، حيث تخيّل بعضٌ أنّ دوران ما فات من الصلاة بين الأقلّ والأكثر موجبٌ للاحتياط من باب وجوب المقدّمة العلميّة، وقد عرفت اندفاعه)، انتهى موضع الحاجة.

أمّا المحقّق الخراساني: فقد فصّل بين موردين:

بين النهي عن الشيء بما إذا كان النهي عبارة طلب تركه في زمانٍ أو مكانٍ على نحوٍ يكون المطلوب فيه هو مجموع التروك من حيث المجموع، بحيث لو أتى به في ذلك الزمان أو في ذاك المكان دفعةً واحدة لم يكن ممتثلاً أصلاً، كما إذا نهى عن‌الإجهار بالصوت فيزمانٍ‌خاصّ أو مكانٍ‌خاصّ‌لغرضٍ‌مخصوص،مثل‌أن لا يَشعُر بهم العدوّ وهو في مكانٍ قريب منهم يسمع كلامهم إذا جهروا، فإذا أجهر آناً مّا لم يحصل الغرض، ولم يمتثل النهي أصلاً، حيث يجبُ الاحتياط فيه، وترك المُشتبه رأساً تحصيلاً للقطع بفراغ‌الذمّة،فإذا شكّ فيصوتٍ أنـّه إجهارٌ أم لا، وجب تركه إلاّ إذا كان مسبوقاً بترك الإجهار، فيستصحب الترك مع الإتيان بالمشكوك.

وبين ما إذا كان النهي بمعنى طلب ترك كلّ فردٍ منه على حِدَة، على نحوٍ يكون المطلوب فيه تروكاً متعدّدة، فكلّ تركٍ مطلوبٌ مستقلّ، كما في النهي عن الخمر أو الكذب ، فالمحرّم ينحلُّ إلى محرّمات عديدة ، فإذا شكّ في فردٍ جرت فيه البراءة.

وعليه، فالواجب في الاجتناب هو الأفراد المعلومة فقط، هذا.