95/08/16
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: حكم الواجبين المتزاحمين المشكوكين
أقول: بقي الكلام في القسم الثالث منه، وهو ما إذا كان التخيير فيه لأجل تعارض الحجّتين والطريقين.
فعلى القول بالسببيّة، يصير كلّ واحدٍ من الدليلين ذا ملاك، فيندرج حينئذٍ في باب التزاحم، فيجري الكلام فيه مثل ما جرى في التزاحم على كلا المسلكين بلا فرقٍ بين كون الشبهة حكميّة أو موضوعيّة.
وأمّا إن قلنا بالطريقيّة، وكون حجّية كلّ واحدٍ منهما من جهة كاشفيّته، كما هو مختار أكثر المتأخّرين، بل قاطبتهم كما صرّح به المحقّقالنائيني، فوجوب الأخذ بمحتمل المزيّة يكون في غاية الوضوح، ولا يمكن الخدشة فيه، لقطعه بأنّ سلوكه يوجب الأمن عن العقاب على تقدير مخالفته للواقع، بخلاف سلوك الطريق الآخر الذي لا يحتمل فيه المزيّة، وقد حقّقنا في محلّه في باب الظنّ بأنّ الأصل في الشكّ في الحجّية، هو عدم الحجّية، وذلك استناداً إلى الأدلّة الأربعة، فلا يجوز له الأخذ بغير المحتمل، وهو واضح، والله العالم.
***
الموضوع: البحث عن كيفيّة جريان الأصل في المردّد بين العيني والكفائي
الأمر الخامس: من الاُمور المهمّة، هو بيان كيفيّة جريان الأصل ـ أي أصلي البراءة أو الاشتغال ـ فيما لو كان الشكّ فيالواجبالمردّد بين كونه عينيّاً أو كفائيّاً.
أقول: فهو أيضاً يتصوّر :
تارةً: الشكّ في كون العمل واجباً كفائيّاً أو مباحاً، فلا إشكال حينئذٍ في أنّ مقتضى الأصل هو البراءة، عقليّها وشرعيّها، سواء علم إقدام الغير بالإتيان أو لا يعلم، أو عَلم عدم الإتيان؛ لأنّ شكّه حينئذٍ يكون شكّاً في أصل التكليف وتوجّهه إليه، فالأصل هو البراءة.
واُخرى: يكون الشكّ ذا شقوقٍ ثلاثة، من الشكّ في أنّ الشيء الفلاني: إمّا واجب كفائي، أو عيني، أو مباح، فالحكم فيه أيضاً يكون كسابقه طابق النعل بالنعل، فالأصل فيه أيضاً البراءة.
وثالثة: وهو ما لو علم بوجود أحد الواجبين من العيني أو الكفائي، ولكن الشكّ يدور حول في أنّ أيّهما كان هل يسقط بفعل الغير أم لا؟ فالأصل حينئذٍ هل هو البراءة أم الاشتغال؟