درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/08/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: صور الشكّ في التعيين والتخيير

 

ولو فرض الشكّ في ذلك، فالمرجع البراءة عن وجوب الجماعة، فعلى جميع التقادير لو وصلت النوبة إلى الشكّ، فلا محالة ينتهي إلى الشكّ في التكليف كما لا يخفى)، انتهى كلامه[1] .

وقال المحقّق العراقي في حاشيته على كلام الأوّل: (أقول: وهنا احتمالٌ آخر لعلّه أمتن، وهو كون الجماعة طرف التخيير بالنسبة إلى الفرادى لجميع مراتبه النازلة، نظراً إلى أنّ للصلاة عرض عريضٌ صادقٌ على البراءة، والناقص والمكلّف في كلّ حالٍ مكلّف بمرتبةٍ من الصلاة، وفي كلّ حالٍ مخيّرٌ بين الفرادى والجماعة، ولازمه كون الجماعة طرف التخيير للفرادى الاختياريّة أو الاضطراريّة، من دون احتياج حينئذٍ إلى تنزيل قراءة الإمام، خصوصاً في طرف اختيار الجماعة، كي يقال إنّ اختيار تحمّل الإمام قراءة المأموم آبٍ عن هذا التقيّد، فتدبّر) انتهى.

أقول: ولكن الإنصاف أن يقال:

إنّ العاجز عن القراءة إن جعل الشارع له بدلاً عن قراءته، فلا وجه للحكم بوجوب الجماعة؛ لأنّ حمل تلك الأدلّة على العاجز حتّى عن الجماعة بعيدٌ جدّاً.

وأمّا لو لم يجعل الشارع له بدلاً عند عجزه عن القراءة، فمقتضى دليل وجوب القراءة، وملاحظة كون الجماعة هو تحمّل الإمام للقراءة عن المأموم، هو وجوب الجماعة حينئذٍ، لأنـّه يستكشف من ذلك بأنّ الشارع لم يرفع يده عن القراءة بذلك المقدار من العجز.

ولكن‌الظاهر من أخبار صلاه‌الجماعة من‌قوله عليه‌السلام: «إنّ الله يختار أحبّهما»، هو عدم كون الجماعة واجباً تخييريّاً، بل هو فردٌ مستحبّ مشتمل على ما هو الواجب محصّل لتلك المصلحة، بلا فرقٍ بين العاجز والقادر.

وعليه، فالأقوى عندنا عدم وجوب الجماعة في الفرض، خلافاً لسيّدنا الخوئي رحمه‌الله في «حاشية العروة» حيث أفتى بالوجوب.

نعم، لا يبعد القول بالاحتياط الوجوبي في الجماعة لمن كان قادراً على التعلّم، لكنّه عجز فعلاً لضيق الوقت، كما في تعليقتنا على «العروة»، والله‌العالم.

هذا كلّه في الشكّ في التخييري والتعييني الابتدائي.

 

الموضوع: حكم الواجبين المتزاحمين المشكوكين

 

وأمّا الكلام في الشكّ في التعيين والتخيير في القسم الثاني: وهو ما كان لأجل التزاحم، فالحكم بالتعيين هنا فيما يحتمل ذلك، وعدم جريان البراءة عن التعيينيّة يكون أوضح من السابق على كلاًّ من المسلكين؛ أي سواء قلنا بأنّ التخيير يحصل في التزاحم لأجل تقييد إطلاق كلّ من الخطابين كما عليه المحقّق‌النائيني، أو لأجل سقوطهما واستكشاف العقل حكماً تخييريّاً؛ لأنّ مرجع الشكّ هنا إلى الشكّ في الفراغ والسقوط، بعد العلم واليقين بالاشتغال، سواء قلنا بأنّ صفة التعيينيّة صفة وجوديّة أو عدميّة.

وعليه، فلو وقع التزاحم في إنقاذ الغريقين في مقام الامتثال، لعدم قدرة المكلّف فيالامتثال على‌الجمع بينهما،بل كان قدرته مقتصرة على امتثال أحدهما:

فإنْ عُلم تساوي الملاك والمصلحة فيهما، أو احتمل أهميّة الملاك في كلّ واحدٍ منهما، فلابدّ من الحكم حينئذٍ بالتخيير على كلا القولين.

كما أنـّه لو علم بأقوائيّة المكلّف فيأحدهماالمعيّن، وأهميّته في نظر الشارع، فلا إشكال في تعيّنه؛ بمعنى أنـّه يختصّ التقييد بخطاب المهمّ على ذلك القول، أو أنـّه يوجب المنع عن استكشاف العقل الحكم التخييري، لعدم تساوي الملاك على الفرض، ومثله في القول بالاشتغال لو احتمل الأهمّية في أحدهما المعيّن دون الآخر، فلا إشكال من الحكم بالتقديم على كلا المسلكين، لأنّ الاشتغال به ثابتٌ، وبإتيان الآخر يشكّ في الفراغ، وهو واضح.

 


[1] فوائد الاُصول: ج3 / 430.