95/08/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: صور الشكّ في التعيين والتخيير
واليه أيضاً ذهبالمحقّقالعراقي رحمهاللهمنإجراء البراءة عن وجوب الصومحتّى مع عدم التمكّن من العتق، نظراً إلى الشكّ في أصل تعلّق التكليف به ولو تخييراً.
أقول: المستفاد من ظاهر من كلامهما هو كون العتق واجبُ الامتثال في صورة التمكّن، ويستحقّ العقوبة على تركه، ولا يجري فيه البراءة، بل يجري ذلك في الصوم في كلتا صورتي التمكّن للعتق وعدم تمكّنه.
أمّا المحقّق البجنوردي: فقد التزم في «منتهى الدراية» بجريان البراءة في صورة التمكّن في كليهما بقوله:
(فلا محالة يكونالوجوبمشروطاًبعدمه،فبناءًعلىجريانالبراءهمنخصوصيّة التعيينيّة كما ذكرنا، تجري البراءة عن تعيينيّة ما عُلم وجوبه، وعن ما شكّ في وجوبه، فتكون النتيجة أنـّه يتعيّن عليه إتيان ما عُلم وجوبه في ظرف عدم التمكّن من إتيان ما شكّ في وجوبه.
وأمّا لو لم يتمكّن من إتيان ما عُلم وجوبه، فليس عليه شيء أصلاً، أمّا ما علم وجوبه لعدم التمكّن منه، وأمّا ما شكّ في وجوبه فللبراءة،وأمّا لو كان متمكّناً من الاثنين، فله أن يأتي بأيّ واحدٍ منهما.
نعم، لو أتى بما علم وجوبه في هذه الحالة، فيجوز أن يأتي بالآخر أيضاً إباحةً أو استحباباً، ولو أتى بما شكّ في وجوبه، فلا يبقى مجالٌ أن يأتي بالآخر، لأنـّه مسقطٌ للآخر على الفرض، هذا لو قلنا بجريان البراءة في محتمل التعيينيّة.
وأمّا لو قلنا بالاشتغال، ففي ظرف التمكّن من الإتيان بمحتمل التعيينيّة يجب الإتيان به، ولو أتى بالآخر يسقط عنه قهراً، ولو لم يأت به ولا بالآخر عصى بالنسبة إليه دون الآخر، لعدم وجوبه .
وفي ظرف عدم التمكّن من الإتيان به تظهر الثمرة بين الاحتمالين:
فلو كان ذلك الآخر عِدْلاً لمحتمل التعيينيّة، يتعيّن الإتيان به ويكون تركه عصياناً، وإلاّ لا يجبُ الإتيان به، بل يكون مجرى البراءة، ولكن في مقام الإثبات يجبُ الإتيان بمحتمل التعيينيّة في ظرف عدم الإتيان بالآخر مع التمكّن من الإتيان بهذا المحتمل للتعيينيّة. وأمّا الآخر فلا يجب مطلقاً.
هذا كلّه فيما إذا شكّ في التعييّنيّة والتخييريّة، ولم يكن إطلاقٌ في البين، وإلاّ فلا شكّ في أنّ مقتضىالإطلاق هو التعيّنيّة،ولا فرق فيما ذكرنا من أصالهالاشتغال في الشكّ في التعييّنيّة والتخييريّة بين أقسامه التي ذكرناها في صدر البحث)، انتهى كلامه[1] .
ونحن نقول: بأنّ الحقّ هو وجوب الإتيان بمحتمل التعيينيّة، وهو العتق، سواءً قلنا بجريان البراءة في محتمل التعيينيّة، أو لم نقل عند التمكّن من إتيانه وعدم الإتيان بالآخر وهو الصوم؛ لأنّ الخطاب قد توجّه إليه قطعاً، والشغل اليقيني به يقتضي الفراغ بإتيانه، ما لم يأت بالآخر، وإن كان له الإتيان بالآخر وإسقاط وجوبه بلا عصيان على الفرض، فمع تركهما يوجبُ العصيان لخصوص العتق دون الصوم.
وأمّا مع عدم التمكّن من إتيان العتق، فلا يكون الآخر أيضاً واجب الإتيان، وذلك من جهة جريان أصل البراءة، لكون أصل التكليف المتوجّه إليه بصورة التخيير مشكوك، والأصل هو البراءة، فلا يوجب تركها عقوبةً.