95/08/05
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: صور الشكّ في التعيين والتخيير
وجه الإشكال: أنّ العلم الإجمالي هنا ينحلّ إلى علمٍ تفصيلي وشَكٍّ بدوي، وهو علمٌ بدوي يظهر رفعه بالتأمّل؛ لأنّ وجوب العتق أمرٌ ثابت قطعي لا شكّ فيه، إمّا لوجوبه بالخصوص، أو لكونه عِدْلاً للآخر، ووجوب الآخر مع إتيان العتق مقطوعُ العَدم، ومع عدم إتيان العتق فعلاً، يصبح الآخر مشكوكاً بدويّاً، فيجري فيه البراءة، لأنّ إثبات حرمة ترك الآخر مع عدم إتيان العتق، يكون فرع وجود علم إجمالي مع وجوب الآخر، على تقدير ترك العتق، مع أنـّه أوّل الكلام؛ لأنّ ترك العتق إمّا يكون باختياره عصياناً، أو بالاضطرار والإجبار.
فعلى الأوّل: يكون الحرام هو تركه قطعاً، فيعاقب على تركه مع فرض عدم إتيان الآخر قطعاً لتركه للواجب قطعاً إمّا بنفسه أو مع الغير.
وأمّا على الثاني: فلا يُعاقب لترك العتق، لكونه مضطرّاً إليه، والعقوبة مرتفعة معه، ولا لترك الآخر، لعدم ثبوت حرمته، لكون وجوبه مشكوكاً بالشكّ البدوي، فيشمله حديث الرفع، وعليه فلا يمكن الالتزام بعقوبة من تَرَكهما كذلك، أي مع الاضطرار في ترك العتق، هذا أوّلاً .
وثانياً: أنـّه يلزم على قوله رحمهالله من الالتزام بوجوب الإتيان بالعتق والصيام كليهما، إن ثبت العلم الإجمالي في ظرف التمكّن لإتيان العتق، وإن لم يثبت العلم الإجمالي إلاّ في فرض عدم التمكّن من إتيان العتق، كما هو ظاهر كلامه.
فنقول: كيف يمكن القول بالعلم الإجمالي مع عدم إمكان تنجّز التكليف في ناحية العتق؟ ومن المعلوم أنّ من شرائط جريان العلم الإجمالي، إمكان التنجّز في كلّ من طرفي العلم، وهو واضح.
وعليه، فالأولى والأحسن في تقرير قاعدة الاشتغال هنا هو أن يُقال: بأنّ التكليف بالنظر إلى العتق منجّزٌ قطعاً، لأجل أحد الخطابين، فلابدّ من الجواب لهذا الأمر بالامتثال، فلو تخلّف ـ سواءً كان بإتيان الغير أو بعدم إتيانه ـ لا يوجب ذلك القطع رفع التكليف عنه، لعدم وجود الحجّية في يد العبد في تركه، لو كان في الواقع هو واجباً تعيينيّاً، فالشغل اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني، فالإرادة في الواقع تكون قد تعلّقت بهذا الفرد على أيّ حال، إمّا مع الآخر أو هو وحده، فلابدّ من الامتثال، وعليه فلو اضطرّ إلى تركه، فإنّه لا دليل لنا على إثبات وجوب الإتيان للآخر، حتّى يحتجّ به المولى على المكلّف، فمقتضى أصل البراءة عدم وجوب الآخر في هذا الفرض، كما عرفت توضيحه آنفاً.