درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/08/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: صور الشكّ في التعيين والتخيير

 

وعلى ذلك نقول: إنّ مرجع الشكّ في كون الشيء واجباً تعيينيّاً أو تخييريّاً حينئذٍ إلى العلم الإجمالي:

إمّا بوجوب الإتيان بخصوص الذي علم بوجوبه في الجملة، وحرمة تركه مطلقاً، حتّى في ظرف الإتيان بما احتمل كونه عِدْلاً له.

وإمّا بحرمة ترك الآخر المحتمل كونه عِدْلاً له في ظرف عدم الإتيان بذلك.

ولازم هذا العلم الإجمالي إنّما هو الاحتياط بتحصيل الفراغ اليقيني، بإتيان خصوص ما عُلم وجوبه في الجملة، ووجوب الإتيان بما احتمل كونه عِدْلاً له عند عدم التمكّن من الإتيان بما عُلم وجوبه لاضطرارٍ ونحوه.

ثمّ نقل ما أُورد على دعوى المحقّق‌النائيني بنقل حاصل كلامه والإشكال عليه، واستنتج في آخر كلامه بجعل الطلبين أمران وجوديّان مختلفان سنخاً لا أنّهما متّحدان، وكان‌الاختلاف من جهة وجوب العِدْل وعدمه كما قاله النائيني قدس‌سره)، انتهى كلامه[1] .

أقول: الحقّ عدم تماميّة كلا الدفاعين عن الإشكال:

أمّا قول المحقّق‌النائيني قدس‌سره: (بأنّ صفة التعيينيّة ليست من الاُمور الوجوديّة المجعولة شرعاً ولو بالتبع، بل إنّما هي عبارة من عدم جعل العِدْل والبدل، بداهة أنّ نحو تعلّق الخطاب لا يختلف، تعيينيّاً كان أو تخييريّاً.... إلى آخر كلامه).

فممنوعٌ: لما سبق ذكره منّا بأنّ الخطابين متفاوتان بحسب الثبوت والواقع، وبحسب الإثبات والظاهر؛ لأنّ الملاك في التعييني متعلّق بذات العتق وحده مثلاً بلا تأثيرٍ لوجود الآخر فيه، فهو مطلوبٌ مطلقاً، ومحصّلٌ للمطلوب بلا دخالة لغيره فيه. وهذا بخلاف التخييري، حيث أنّ الملاك بحسب الثبوت والإرادة متعلّقٌ بوجود أحدهما أو أزيد، أي بأيّهما حَصَل ووجد لحصل المطلوب، فكذلك يكون في مقام الإثبات، والظاهر مختلفٌ باعتبار أنّ الخطاب يكون متوجّهاً إلى خصوص الواجب بما لا يشمل الغير، بخلاف الخطاب في التخييري حيث يكون الخطاب مقروناً بلفظ (أو)، أو بيان أحدهما، وأمثال ذلك، بحيث يتحقّق ترك المطلوب وتخلّف الخطاب بترك كليهما.

وعليه ، فدعوى كون التعيينيّة صفة متحقّقة من عدم العِدْل والبَدَل ، وليست بأمرٍ وجودي.

أو دعوى عدم الاختلاف بينهما في كيفيّة الخطاب والإرادة.

لا يخلوان عن مسامحة، فشمول حديث الرفع من تلك الناحية ـ ولو سلّمنا شرطيّة كون متعلّقه أمراً وجوديّاً ـ غير ممنوع، إلاّ أنّ الإشكال في إجرائها هنا إنّما هو لجهةٍ اُخرى غيره كما سننبّهك عليها عن قريبٍ إن شاء الله تعالى.

وأمّا ما يرد على المحقّق العراقي قدس‌سره: فبالرغم من أنّ كلامه رحمه‌الله قريبٌ إلى ما ذكرناه من جعل الخطابين متفاوتين وسخنين من الطلب، وجعل صفته التعيينيّة أمراً وجوديّاً، إلاّ أنـّه يرد عليه في توجيهه لجريان قاعدة الاشتغال هنا دون البراءة، وإن استحسنه المحقّق الآملي في «مجمع الأفكار» حيث قال: (وهذا البيان أمتن ممّا قاله شيخنا النائيني قدس‌سره، لأنـّه جعل مورد الرفع هو الأعمّ من الأمر الوجودي والعدمي، إذا كان التسهيل في عدم الجعل يكفي في شموله).

ولكن يرد عليه: بما قاله في بيان إثبات قاعدة الاشتغال من العلم الإجمالي بوجوب الإتيان بخصوص الذي عُلم بوجوبه في الجملة، وحرمة تركه مطلقاً حتّى في ظرف الإتيان بما احتُمل كونه عِدْلاً له، وإمّا الحكم بحرمة ترك الآخر المحتمل كونه عِدْلاً له، في ظرف عدم الإتيان بذلك، ولازم هذا العلم الإجمالي إنّما هو الاحتياط بتحصيل الفراغ التعييني بإتيان خصوص ما عُلم وجوبه في الجملة، ووجوب الإتيان بما احتُمل كونه عِدْلاً له عند عدم التمكّن من الإتيان بما عُلم وجوبه لاضطرارٍ ونحوه، إلى آخره.

 


[1] نهاية الأفكار: ج3 / 288.