درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/08/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: صور الشكّ في التعيين والتخيير

 

إلى أن قال: ومنه يظهر أنـّه لا مجال لتوهّم جريان البراءة عند الشكّ في التعيين والتخيير؛ لأنّ صفة التعينيّة المشكوكة ليست من الاُمور الوجوديّة المجعولة شرعاً ولو بالتبع، بل إنّما هي عبارة عن عدم جعل العِدْل والبَدَل، بداهة أنّ نحو تعلّق الخطاب لا يختلف، تعيينيّاً كان أو تخييريّاً، فالتكليف المتعلّق بالعتق مثلاً لا يتغيّر ولا يزيد ولا ينقص، ولا يتكيّف ببيّنة وجوديّة، إذا كان التكليف المتعلّق به تعيينيّاً، وإنّما الاختلاف ينشأ عن قبل وجوب العِدْل، فإنّ تعلّق التكليف بشيء آخر يكون عِدْلاً له، فالتكليف المتعلّق بالعتق كان تخييريّاً وإلاّ كان تعيينيّاً، فالتعيينيّة ليست صفة وجوديّة للخطاب حتّى تجري فيها البراءة.

وبالجملة: كما أنـّه في مقام الإثبات ظاهرُ الخطاب يقتضي التعيينيّة، لأنّها لا تحتاج إلى بيانٍ زائد، بل التخييريّة تحتاج إلى مؤونة زائدة من العطف بـ (أو) ونحوه، كذلك في مقام الثبوت، التعيينيّة عبارة عن تعلّق الإرادة المولويّة بشيء وليس لها فصلٌ وجودي، بل حدّها عدم تعلّق الإرادة بشيءٍ آخر يكون عِدْلاً لما تعلّقت الإرادة به، ففي الحقيقة الشكّ في التعيينيّة والتخييريّة يُرجع إلى الشكّ في وجوب العِدْل وعدمه، فالذي يمكن أن يعمّه حديث الرفع لولا كونه خلاف المنّة هو وجوب العدل المشكوك، فينتج التعينيّة وهي ضدّ المقصود.

إلى آخر ما قاله حيث استنتج من الجميع ثبوت جريان قاعدة الاشتغال عند الشكّ في التعيين والتخيير)، انتهى كلامه[1] .

أورد عليه المحقّق العراقي قدس‌سره بقوله: (إنّ رجع كون الشيء واجباً تعيينيّاً إنّما هو إلى كونه مطلوباً بطلب تامّ قائم به، بشراشر وجوده الموجب بمقتضى النهي عن النقيض للمنع عن جميع أنحاء عدمه حتّى العدم في حال وجود غيره، في قِبال الواجب التخييري الذي مرجعه إلى كونه متعلّقاً لطلبٍ ناقص على نحوٍ لا يقتضي إلاّ المنع عن بعض أنحاء عدمه، وهو العدم في حال عدم العِدْل، فتمام الامتياز بين الواجب التعييني والواجب التخييري إنّما هو من هذه الجهة، من حيث كون الطلب المتعلّق بالشيء تارةً على نحوٍ يكون طارداً لجميع أنحاء عدمه، واُخرى كونه على نحوٍ لا يكون إلاّ طارداً لبعض أنحاء عدمه، لا أنّ الامتياز بينهما من جهة تقييد الطلب في الواجب التخييري بعدم الإتيان بالغير كما توهّم، ولا من جهة مجرّد جعل العِدْل له في طيّ الخطاب وعدمه، وكيفَ:

ويرد على الأوّل: أنّ لازمه هو عدم تحقّق الامتثال بالواجب التخييري عند الإتيان بهما معاً، وهو كما ترى لا يمكن الالتزام به.

وعلى الثاني: بأنّ جعل العِدْل وعدم جعله في طيّ الخطاب إنّما هو من لوازم نقص الطلب المتعلّق بالشيء، وتماميّته من حيث اقتضائه تارةً لطرد جميع أعدام الشيء، واُخرى لبعض أعدامه، لا أنّ ذلك من مقوّمات تعيينيّة الطلب وتخييريّته.

 


[1] فوائد الاُصول: ج3 / 426.