درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/02/29

بسم الله الرحمن الرحیم

وغاية ما يمكن أن يُدّعى دلالة أخبار من بلغ عليه، هو استحباب العمل المتعلّق به دون غيره من الأحكام والخصوصيّات المترتّبة على ثبوت الموضوع، كما لا يخفى .

وعلى القول بعدم دلالة أخبار من بلغ إلاّ على ترتّب الثواب دون استحباب العمل، فلا يترتّب عليه إلاّ الثواب الموعود.

ثمّ ذيّله رحمه‌الله بكفاية دليليّته صحيحة هشام وحسنته على هذا التعميم، فلا نحتاج إلى التمسّك برواية النبويّ وابن طاووس كما في رسالة الشيخ،لعدم ثبوت اعتبارهما، وكذا في التشبّث بإجماع «الذكرى» المعتضد بحكاية ذلك عن الأكثر)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

أقول: التأمّل في كلامه رحمه‌الله يدلّ على أنـّه قد فصّل في صدق البلوغ بالنسبة إلى الدلالة الالتزاميّة بين استحباب العمل من الزيارة المطلقة، وبين دلالة التزاميّة اُخرى هو كون الزيارة هنا زيارة خاصّة بالكيفيّة المخصوصة.

لكن يبقى السؤال عن وجه الفرق بين هاتين الدلالتين ؟

فإن كان لم يثبت زيارة مخصوصة لعدم ثبوت كون مدفنه هنا، فلا يثبت بتبعه استحباب الزيارة المطلقة، لأنـّها ليست إلاّ لرجاء كون مدفنه هنا،فهو موجودٌ في الزيارة المخصوصة، فإن كان بلحاظ أنـّه ثابت من ناحية الدلالة الالتزاميّة، فكذلك تكون زيارته المطلقة، فإنّ الأخبار بهذه الموضوعات إن دلّت بالالتزام على ترتّب الثواب على الصلاة في المكان الفلاني بواسطة الخبر الضعيف، لدلّ أيضاً على ترتّب سائر أحكام ذلك المكان، لأنّ إثبات ترتّب الثواب للصلاة في ذلك المكان فرع ثبوت الموضوع، فإذا ثبت فلا فرق بينه وبين غيره من الأحكام.

فالأقوى أن يقال: إذا لاحظنا طبيعة كلام الإمام في أخبار من بلغ استلزم ذلك الاختصاص بخصوص ما صَدَق عليه البلوغ بالنظر إلى الثواب والاستحباب من دون إثبات الموضوع، إلاّ أنـّه يمكن تعميم الحكم بواسطة تنقيح المناط، وملاحظة المناسبة بين الحكم والموضوع، باعتبار أنّ الشارع أمر بمتابعة أخبار من بلغ ترغيباً للعباد في العمل بالمستحبّات، فكلّ موردٍ يجري فيه هذا المعنى، يثبت فيه اللّوازم بأخبار من بلغ مثل ثواب الصلاة والزيارة وغيرها، وإثبات كون الثواب على المصيبة وعلى البكاء عليها، بخلاف ما لا يجري فيه ذلك ـ أي تنقيح المناط ـ وهو كونه مسجداً من جهة حرمة مكث الجُنُب فيه، ووجوب تطهيره وغير ذلك من الأحكام، ولعلّ هذا هو مقصود الشيخ والشهيدين رحمهم‌الله من الإثبات، وهو غير بعيد.

المقام الثاني: واُخرى يقع البحث والكلام فيه من جهة أنـّه إذا شمل أخبار من بلغ الخبر الضعيف، وحكم باستحبابه وترتّب الثواب على متعلّقه، كيف يمكن الجمع بينه وبين ما ورد من انطباق عنوان حرمة الكذب المخبري والافتراء والقول بغير العلم عليه، بل والكذب الخبري واقعاً، مع أنـّه حرام شرعاً وقبيح عقلاً، فهل يصحّ تخصيص ما هو القبيح عقلاً بورود أخبار من بلغ وصيرورته حَسَناً ومستحبّاً بعدما كان حراماً شرعاً؟ هذا بناءً على كون المراد من العمل في كلّ شيء بحسبه، فالعمل بالخبر الوارد في الفضائل عبارة عن نشرها، وفي المصائب الواردة ذكرها للإبكاء مثلاً، كما ورد هذا التوجيه في رسالة الشيخ في التسامح، فإنّ العقل يحكم بحُسن عملٍ مع الأمن عن مضرّة الكذب، برغم أنـّه كذب وحرامٌ وقبيحٌ، فكيف يستحبّ ويُحسن ؟

 


[1] منتهى الدراية: ج5 / 534.