درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/02/21

بسم الله الرحمن الرحیم

وأيضاً: منه يظهر وجه التعميم في صورة كون المستفاد من الأخبار هو المسألة الاُصوليّة، أي حجّية مطلق الخبر في المستحبّات، حيث يفهم أنـّه لا خصوصيّة للمستحبّ في ذلك، بل المقصود هو الذي لا إلزام فيه بحسب مفاد الحديث وبلغه، سواءٌ أكان مترتّباً من جهة أنّ عمله وفعله ذا ثوابٍ أو ذو عقابٍ بفعله، أو من جهة ترتّب الثواب والأجر عند تركه، حيث يفهم ذلك من مناسبة الحكم للموضوع من إثبات الحجّية لكلّ منهما كما لا يخفى .

كما ظهر ممّا ذكرنا دخول ما كان في تركه ثوابٌ في مثل تروك الإحرام وأمثال ذلك، حيث يصحّ أنـّه قد بلغه ثوابٌ وعمل بما يحصل ذلك الثواب ولو بتركه وإتيان عملٍ آخر، لأجل تركه، لما قد عرفت من كون المقصود بيان رحمته وفضله، وأنـّه عميم لعباده، فيعطيه لأمثال هذه الاُمور، فليس مثل هذه التروك خارجاً عن المبحث كما صدر عن بعض الأعاظم.

***

البحث عمّا يجب أن يكون عليه أخبار من بلغ من الظهور

البحث عمّا يجب أن يكون عليه أخبار من بلغ من الظهور

التنبيه الخامس: لا إشكال في أنّ الحكم باستحباب ما بلغه أنـّه ذو ثوابٍ، لزوم صدق البلوغ عرفاً، بل وهكذا في صدق الحجّية من جهة أخبار من بلغ، فعلى هذا لابدّ أن يكون في ألفاظ الخبر الذي يدلّ على كون الشيء الفلاني ذو ثوابٍ ظهوراً فيه.

فحينئذٍ لو كان لألفاظه ما يوجب سلب ظهور اللّفظ عن ذلك بواسطة محفوفيّته بقرينة صارفة عن ظهور اللّفظ عن ما يوجب صدق البلوغ، فلا يدخل مثله تحت أخبار من بلغ على مبنى الاستحباب والحجيّة مثلاً.

هذا، ولكن استدرك على ذلك المحقّق العراقي في «نهاية الأفكار» بقوله:

(نعم، على الانقياد لا بأس بذلك، نظراً إلى عدم توقّفه على صدق البلوغ، وكفاية مجرّد احتمال المطلوبيّة فيه، ولو مع إجمال اللّفظ،وعدم ظهوره في المعنى المراد، إمّا في نفسه، أو من جهة اتّصاله بما يوجب إجماله، أو صرفه عمّا له من الظهور إلى غيره) .

أقول: ولكن لا يخفى ما فيه، لأنّ ثواب الانقياد بواسطة أصل احتمال المطلوبيّة من دون استنادٍ إلى البلوغ، غير داخلٍ تحت أخبار من بلغ، لأنّ ما يثبت بتلك الأخبار ليس إلاّ ما يصدق عليه أنـّه بلغه، غاية الأمر صاحب هذا المبنى يختار بأنّ الثواب في تلك الحالة كان للانقياد،كثواب الانقياد في سائر موارد احتمال المطلوبيّة لو حصل للمكلّف بمثل هذا الداعي للإتيان .

فعلى هذا، لا يبعد القول بأنّ ثواب الانقياد من هذه الناحية لا يكون للعامل، إلاّ إذا صدق عليه أنـّه قد بلغه كذا، ولعلّه لذلك لم يفصّل العلاّمة البجنوردي في كتابه «منتهى الاُصول» .

وكيف كان، فمع عدم صدق البلوغ المتحقّق بما يوجبُ صَرف ظهور اللّفظ الذي هو ظاهر فيه، أو إجمال اللّفظ بما لم ينعقد له ظهورٌ فيه، فإنّه لا تشمله أخبار من بلغ قطعاً، إذا كان هذا القيد المستلزم لذلك متّصلاً بالكلام .

وأمّا لو كان منفصلاً:

فتارةً يقال: بأنـّه أيضاً ينثلم أصل ظهور الكلام، فحكمه حكم القيد المتّصل عند من ذهب إلى هذا المذهب.

واُخرى: وأمّا عند من لا يعتقد ذلك، يقال بأنّ ظهور اللّفظ باقٍ بحاله، وذلك عند من لا يعتقد بانثلام ظهور الكلام، غاية الأمر لا يكون حجّة فيما قام به المُخصّص أو المقيّد، وإلاّ كان أصل الإطلاق أو العموم باقياً على ظهوره، فحينئذٍ لا يُبعد القول بشمول أخبار من بلغ لمثل هذا البلوغ على جميع المباني، حتّى بناءً على الانقياد، خلافاً للمحقّق العراقي في الأخير، وقد عرفت الإشكال فيه.

وعليه، فلازم القول بصدق البلوغ، هو الحكم باستحباب إكرام العلماء البالغ ثوابه‌بحديث‌عام‌يدلّ‌عليه،ولوكان‌يعارضه‌ويخصّصه‌قوله:(بل‌واكرم‌النحويّين‌منهم) لأنّ معارضته ليس في أصل الظهور، بل كان في حجّيته، فيحكم حينئذٍ باستحباب إكرام الجميع حتّى النحويّين، لو لم يكن مضمون دليل (لا تكرم) هو التحريم، وإلاّ حكم بتقديم ذلك قطعاً، لأنّ المعارضة لا يمكن تحقّقه في التحريم والاستحباب.