درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/02/14

بسم الله الرحمن الرحیم

ولكن أورد عليه الآملي قدس‌سره: (بأنّ الخطابات طُرّاً بالنسبة إلى المسائل الاُصوليّة كخطابات الاستصحاب والبراءة، وبالنسبة إلى المسائل الفقهيّة،يشترك فيها العالم والجاهل، والمجتهد والمقلّد، لكن المقلّد إذا لم يكن له شأن فهم الأحكام يكون المجتهد نائباً عنه في كلّ ما هو وظيفته، ولا يكون الاختصاص في الخطاب بالمسائل الفقهيّة بالنسبة إلى المكلّفين كما هو واضح، فلا فرق بين كون مفاد أحاديث من بلغ مسألة اُصوليّة أو فقهيّة، ولا يكون القسمة في إحداهما دون الاُخرى)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

أقول: ولا يخفى ما في كلامه قدس‌سره، لوضوح الفرق بين الخطابات، إذ من الواضح أنّ المراد من الخطاب في قوله عليه‌السلام: نحن نلقي إليكم الاُصول وعليكم أخذ الفروع عن الاُصول، هو من كان شأنه ذلك لا مثل عامّة المكلّفين البعيدون عادةً عن مثل هذه المباحث الدقيقة، بخلاف مثل قوله تعالى: «وَللّه‌ِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ»، أو قوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ»، أو «أَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ»وغيرها ممّا يدلّ على اشتراك العالم والجاهل فيه، مضافاً إلى وجود دليلٍ آخر يفيد الاشتراك في مثل تلك الاُمور، وهي الأخبار المتوجّهة إلى عامّة الناس والمكلّفين مثل قولهم عليهم‌السلام: «فارجعوا إلى رواة أحاديثنا»، و«من نظر في حلالنا وحرامنا».

وعليه، إذا سلّمنا دلالة أخبار الباب على أنـّها لإفادة حجّية مطلق الخبر الوارد في المستحبّات، فلا شكّ أنـّها تكون متوجّهة إلى من شأنه أن يتوجّه إليه وليس هو إلاّ المجتهد، إذ هو الذي يعرف أن يقيّم أفراد سلسلة رواة الحديث من قوّتها وضعفها، وتحصيل معارضها وطريقة الخروج عن صورة المعارضة،وأمثال ذلك، فللفقيه الإفتاء بحجيّة من بلغ إليه الثواب بخبر ضعيف وإن لم يبلغ الخبر لمقلّديه، وحينئذٍ يصبح العمل بما في مضمون الحديث مستحبّاً لجميع المكلّفين، لصيرورته حجّة مثل سائر الأخبار المعتبرة الواصلة إليهم. فكما يثبت الاستحباب بتلك الحجج الشرعيّة، هكذا يثبت بهذه الأحاديث الضعيفة.

هذا بخلاف ما لو قلنا بالإرشاد على مسلك القوم، حيث قال المحقّق العراقي في نهايته: (فالأمر فيه أشكل، حيث لا مجال حينئذٍ للفتوى بالاستحباب مطلقاً ولو مع التقييد بعنوان البالغ إليه الثواب، كما لا يجوز للفقيه البناء باستحبابه في حمل نفسه، بل اللاّزم هو الإتيان بالعمل برجاء المطلوبيّة، كما أنـّه في مقام الفتوى لابدّ أيضاً من التقييد بهذا العنوان، كقوله: لا بأس بالعمل به رجاء)، فتدبّر. انتهى كلامه[2] .

أقول: ولقد أجاد فيما أفاد إن سلّمنا مسلكهم، لأنـّهم لا يقولون إلاّ بحُسن الإتيان عقلاً برجاء المطلوبيّة.

 


[1] مجمع الأفكار: ج3 / 377.
[2] نهاية الأفكار: ج3 / 281.