درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/02/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

في البحث عن الثمرة المترتّبة على النزاع

الأمر الثالث: البحث عن الثمرة المترتّبة على هذا النزاع والاختلاف،وبيان الفروع والتنبيهات المتفرّعة والمترتّبة على أخبار من بلغ، ولذلك نقول:

التنبيه الأوّل: في بيان ما يترتّب على الأقوال والمذاهب من الثمرات.

قال المحقّق العراقي: إنّه على مبنى كون الاستفادة منها هو الاستحباب المولوي، تصبح الأخبار المذكورة مختصّة بمن قام عنده خبرٌ ضعيف على الوجوب أو الندب، فحينئذٍ للفقيه استنباط هذا الحكم من الدليل والإفتاء بمضمونه من الاستحباب لمن بلغ إليه الثواب، دون من لم يبلغه حيث لا يحقّ للفقيه الفتوى باستحبابه، لعدم شمول الحكم ثبوتاً لمثله لتقييد الاستحباب بما بلغ.

ولا تُجدي نيابة المجتهد عن المقلّد فيه، لأنّ ذلك إنّما يكون فيما إذا كان الدليل شاملاً له ثبوتاً، وما أفتى عليه المشهور باستحباب العمل مطلقاً من غير تقييد لمن بلغ محلّ إشكال .

نعم، يصحّ نقل الخبر أوّلاً للمقلّد، بأن يقال له إنّ في المورد حديثٌ ضعيف، ثمّ الفتوى بالاستحباب .

اللهمَّ إلاّ أن يُحمل فتواهم بالاستحباب مطلقاً عن فهمهم من البلوغ ما يعمّ البلوغ إلى المقلّد نفسه، ومن هو نائبٌ عنه في الفحص عن الأدلّة[1] .

أورد عليه المحقّق الآملي في «مجمع الأفكار»: بأنّ مثل أخبار من بلغ يكون مثل البراءة، كما أنّها للمجتهد والمقلّد، ويكون المجتهد نائباً عنه في الاستنباط، مع أنّ المقلِّد لا يكون شاكّاً بالفعل ، بل غير ملتفتٍ إلى الحكم أصلاً حتّى يشكّ فيه ، مع ذلك يقولون بصحّة الإفتاء بها ، فكذلك في المقام مع عدم كون البلوغ فعليّاً للمقلّد ، يكفي فعليّته بالنسبة إلى المجتهد، ويكون نائباً عنه في ذلك، هذا في الشُّبهات الحكميّة.

وفي الموضوعيّة أيضاً يكون الاستصحاب مثلاً وهو أحد من الاُصول فقهاً محضاً، وينوبُ المجتهد عن المقلّد في بيان الحكم، والمقام أيضاً فيه يكون المجتهد نائباً عن المقلّدين فيه، هذا) انتهى كلامه[2] .

أقول: ولا يخفى ما في كلا التقريرين:

أمّا الأوّل: فلأنّ البلوغ إذا كان بمعناه الفقهي لا الاُصولي، فهو يكون أعمّ من بلوغ متن حديث أو مضمونه الذي يستفيد منه المجتهد وينقله للمقلّد بصورة الإفتاء بأنـّه مستحبٌّ، لوجود الملازمة خارجاً بين الاستحباب ووجود الثواب، فالمقلّد الآتي والعامل بهذا المستحبّ ليس مقصوده إلاّ تحصيل الثواب الموعود على ذلك العمل، ولو لم يعلم بنحو التفصيل، فيصحّ الحكم بثبوت الثواب عليه بواسطة نفس هذه المطالبة الارتكازيّة، لأنّ فضله ورحمته وسعت كلّ شيء، فالبلوغ أعمٌّ من الذي ذُكر له متن الحديث،أو ما يفهم ذلك بالملازمة، فلا يكون المجتهد هنا إلاّ واسطة في الفحص والبلوغ .

ومن ذلك يظهر صحّة دعوى كفاية البلوغ لإثبات الاستحباب ممّا يقام عليه الشهرة أو الإجماع المنقول، ولذلك حكمنا في باب الفقه باستحباب أكثر المستحبّات التي لم يرد فيها حديثاً أو خبراً دالاًّ عليه سوى الشهرة والإجماع، كما هو الحال في كثيرٍ من المستحبّات الثابتة في الصلاة وفي بابي الأطعمة والأشربة، فلو حكمنا بلزوم الاقتصار على ورود الخبر الضعيف، اقتضى الجمود في العبارة على خصوص بلوغ نصّ الحديث لا ما هو منقول بمعناه، ولا أظنّ التزام الخصم بذلك، وعليه فالقول فيه بالتعميم يناسب مع فضله العميم.

وأمّا عن الثاني فلأنّ البراءة إنّما كانت في حقّ من كان شاكّاً بالفعل،وإن كان استنباطها من الأدلّة من وظيفة المجتهد، فما دام لم يحصل للمقلّد شكٌّ لا يمكن له إجراء البراءة، فلا معنى لنيابة المجتهد عنه في الشكّ، بل نيابته كانت من جهة الاستنباط، وهو ليس نيابة حقيقيّة، لأنّ ذلك كان من وظيفته أوّلاً وبالذات، فتشبيه المقام‌بهاممّالايرجع‌إلى_'feمحصّل،وهكذايكون‌الحال‌فيالاستصحابفيالموضوعات .

وبالجملة: ظهر أنّ المختار عندنا على مسلكنا ثبوت الاستحباب الشرعي لمن بلغ إليه الثواب، وأنـّه يثبت ولو بالبلوغ بصورة الدلالة الالتزاميّة،وبصورة الفتوى بالاستحباب عن ناحية مقلَّده كما لا يخفى، كما صرّح سيّدنا المحقّق الخوئي بهذا التعميم في البلوغ دون الاستحباب .

وأمّا على ما ذهب إليه المحقّق النائيني ومن تبعه، بكون المستفاد من أخبار من بلغ هو الحجّية لمطلق الخبر في المستحبّات، بأن يكون الحكم طريقيّاً.

فقد علّق عليه المحقّق العراقي في «نهاية الأفكار» بأنـّه لا محذور في الفتوى باستحباب العمل على الإطلاق لجميع المكلّفين، فينفى على طبق مضمونه من استحباب ذات العمل واقعاً، وإن كان دليل اعتبار هذا الطريق مختصّاًبالمجتهد، لكونه هو البالغ إليه الثواب، هذا.

 


[1] نهاية الأفكار: ج3 / 281.
[2] مجمع الأفكار: ج3 / 376.