درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

أقول: ولعلّ وجه التفهّم:

إمّا إشارة إلى هذه النسبة، بأن لا يكون مراد المشهور هو هذا الاحتمال، لإمكان أن يكون مقصودهم هو ما ذكره المحقّق النائيني من الاحتمال الثاني المذكور هنا، وهو كون الاستحباب طريقي راجعٌ إلى حجّية الخبر الضعيف والحكم الاستحبابي، لا الاستحباب النفسي، كما قد يؤيّد هذا الاحتمال وصفهم لهذه الأخبار ولما يتضمّنها بالتسامح في أدلّة السنن، حيث ظاهر هذا الكلام يفيد أنّ المسألة اُصوليّة وهو إلغاء احتمال الخلاف في الخبر الضعيف في المستحبّات، وإن كان تعبيرهم بالاستحباب الشرعي قد يوجبُ تأييد كلام المحقّق الخراساني بأن تكون المسألة فقهيّة، وأنـّها جميعها تفيد الاستحباب النفسي المولوي.

أو إشارة إلى أصل المطلب من التأمّل في صحّة مدّعاه،بأن لا تكون الأخبار مسوقة لبيان الحكم الاستحبابي النفسي على نفس العمل بعد البلوغ، لأنـّه يشاهد في الأخبار ما يوجبُ خلاف ذلك، لأنّ إتيان العمل كان بملاك البلوغ بداعي احتمال المطلوبيّة والثواب، ولذلك صرّح عليه‌السلام في بعض الأخبار: «فعمله التماساً لذلك الثواب» أو «طلباً لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله» وغير ذلك .

مضافاً إلى أنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه، لأنّ ما لا مصلحة فيه أصلاً، أو كان فيه مفسدة، كيف يمكن أن يصير بذاته ذا مصلحة مقتضية للثواب، وعليه فلابدّ أن يكون ذلك من جهة كون البلوغ جهة مؤيّدة لاقتضاء الثواب لا نفس العمل.

واستشهاده بمثل قوله: (من سرّح لحيته فله كذا) ليس في محلّه، لأنّ مفاده دالٌّ على استكشاف الأمر الشرعي فيه من جهة انحصار مناط المثوبة عليه بالإطاعة الحقيقيّة، بلحاظ انتفاء البلوغ من الخارج، وعدم احتمال رجحانه أيضاً مع قطع النظر عمّا دلّ على ترتّب المثوبة عليه، بخلاف المقام حيث كان ظهور الأخبار في داعويّة البلوغ والاحتمال لنفس العمل، فإنّه قد ينطبق عليه الانقياد أو عنوان بيان إلقاء الخلاف في حجّية الخبر الضعيف ، وعليه فاستفادة الأسباب منه مشكلٌ.

البحث عن نظريّة المحقّق النائيني حول مدلول أخبار التسامح

البحث عن نظريّة المحقّق النائيني حول مدلول أخبار التسامح

وأمّا ما احتمل من أنّ المراد من هذه الأخبار إلغاء الخلاف في حجّية خبر الضعيف، لتكون المسألة اُصوليّة، وهو الذي اختاره المحقّق النائيني قدس‌سره، بل نسبه إلى الشسيخ قدس‌سره باختيار ذلك، حيث قال في فوائده:

(وإن كان يظهر من الشيخ قدس‌سرهكون المسألة اُصوليّة على كلّ حال، لأنـّه لا حظّ للمقلّد فيها، ولا يجوز للمفتي الإفتاء بمفاد الأخبار، فإنّه لا يمكن للعامّي تطبيق القاعدة الكلّية على مواردها، وتشخيص جزئيّاتها، لأنّ معرفة شرائط الحجّية وإنّ قول المبلّغ فاقدٌ لها، وأنـّه ليس له معارض، أو التخلّص عن معارضه، ممّا يختصّ بالمجتهد، فالمسألة لا تكون فقهيّة.

إلى أن قال: ولا يبعد أن يكون الوجه الثاني ـ وهو كون المسألة اُصوليّة ـ أقرب كما عليه المشهور، حيث إنّ بنائهم في الفقه على التسامح في أدلّة السنن، وقد عرفت أنّ ظاهر العنوان لا ينطبق إلاّ على القول بإلغاء شرائط الحجّية في الخبر القائم على استحباب الشيء). انتهى محلّ الحاجة هنا[1] .

 


[1] فوائد الاُصول: ج3 / 415.