95/02/06
بسم الله الرحمن الرحیم
وغير ذلك من الأخبار التي تكون مضمونها مقاربٌ لتلك المضامين، وقد عقد لها الشيخ الحُرّ العاملي رحمهالله باباً في «وسائل الشيعة» وهي الباب الثامن عشر من أبواب مقدّمات العبادات، فراجع.
ويبدو أنّ قضيّهالتسامح غير مختصّهبالشيعة،بل قد روت العامّة مثلها، ومنها الخبر الذي رواه صاحب كتاب «عدّة الدّاعي» بأسانيده عن العامّة، عن مروان، قال: روى عبد الرحمن الحلواني مرفوعاً إلى جابر بن عبد الله الأنصاري، قال:
«قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: من بَلَغه من الله فضيلة فأخذ بها، وعمل بما فيها إيماناً بالله ورجاء ثوابه، أعطاه الله تعالى ذلك، وإن لم يكن كذلك».
وعليه يبدو أنّ القضيّة مجمعٌ عليها عند الفريقين[1] .
في البحث عن مدلول أخبار من بلغ
في البحث عن مدلول أخبار من بلغ
الأمر الثاني: ويدور البحث فيه عن مدلول هذه المجموعة من الأخبار، بعد الإشارة إلى عدم الحاجة للبحث عن إسنادها، والتكلّم فيه، بعدما عمل المشهور بها، وكان فتواهم على طبقها، فضلاً عن أنّ بعضها معدودٌ من الأخبار الصحاح، فلا إشكال من حيث السند، بل البحث يقع في مرحلتين:
المرحلة الاُولى: في مقام الثبوت والتصوّر، وما يوجب فيه الكلام بحسب الدلالة والإشكال، فيقع الكلام في دلالتها وبيان الوجوه المحتملة فيها، فقد ذكروا لها خمسة وجوه:
الوجه الأوّل: أن يكون مفادها هو الاستحباب الشرعي، بأن يصير العمل بعد البلوغ ذا مصلحةٍ مقتضية للاستحباب،نظير ما لو كان ما أخبر به العادل ذو مصلحةٍ في إخباره، لترتّب الثواب على نفس العمل، فالمستفاد من قوله عليهالسلام: «فعمله» أو «ففعله» هو الأمر بالفعل:
إمّا لأجل أنّ الجملة الخبريّة تكون في مقام الإنشاء وتفيد الطلب كما قيل، نظير قوله عليهالسلام: «تسجد سجدتي السهو» أو «يعيد صلاته» وغيرها.
أو يفهم الأمر بالدلالة الالتزاميّة من سياق هذه الجملة، نظير قوله: (من سرّح لحيته فله كذا)، حيث يفهم منه أنّ التسريح مستحبٌّ شرعي ومحبوب عند الله، فيستدلّ بوجود الأمر بالدلالة الإنيّة، أي من بيان الثواب يُفهم وجود الأمر الاستحبابي، فهكذا يكون في المقام حيث يدلّ قوله عليهالسلام: «من بلغه ثوابٌ فعمله أوتيه ذلك الثواب» أنّ ذلك العمل يصبح له مصلحة بواسطة هذا البلوغ، يكون متعلّقاً للأمر الاستحبابي الشرعي، نظير سائر العناوين المغيّرة للأحكام كالضرر والعُسر والنذر والإكراه من العناوين الثانويّة.
الوجه الثاني: أن تكون الجملة الخبريّة أيضاً بمعنى الإنشاء، ولكن مفادها هو الحكم المولوي الطريقي لا النفسي، فيرجع حينئذٍ إلى تتميم الكشف في قول المبلّغ، وحجيّة أخبار الضعاف في الحكم الاستحبابي، نظير الأوامر الدالّة على حجّية خبر الواحد، فتكون هذه الأخبار حينئذٍ مخصّصة لما دلّ على اعتبار الوثاقة والعدالة في رواة الأخبار، فكأنّها تدلّ على أنّ ما يعتبر فيه الوثاقة والعدالة إنّما يكون في الخبر القائم على الحكم الإلزامي، لا مطلقاً حتّى الخبر القائم على الحكم الاستحبابي.
الوجه الثالث: أن يكون قوله عليهالسلام: «من بلغه شيءٌ من الثواب فعمله أوتيه»، إرشادٌ إلى حكم العقل بحسن الانقياد في مورد بلوغ الثواب، واحتمال المطلوبيّة، كما يقتضيه ظهور قوله عليهالسلام: طلب قول النبيّ صلىاللهعليهوآله والتماس ذلك الثواب، بل وظهور تفريع العمل عليه بقوله عليهالسلام: «فَعمِله» حيث يكون تمام ذلك كناية عمّا يرشده العقل من الانقياد والإطاعة الحُكْميّة، الموجبة لترتّب الثواب عليه بثواب الانقياد الذي يحكم به العقل، فيكون حكماً إرشاديّاً.