95/02/05
بسم الله الرحمن الرحیم
أمّا المحقّق النائيني: فهو رحمهالله بعدما حكى الفتوى باستحباب العمل الذي يحتمل وجوبه، من غير تقييد إتيانه بداعي احتمال المطلوبيّة، قال:
(إنّه لا ينطبق على القواعد إلاّ أن يكون نظير المشهور إلى مسألة التسامح في أدلّة السنن، وذلك على إطلاقه أيضاً لا يستقيم، فإنّ التسامح في أدلّة السنن يختصّ بما إذا قام خبرٌ ضعيف على استحباب الشيء أو وجوبه، لو قلنا بأنّ الخبر الضعيف القائم على وجوب الشيء يندرج في أخبار من بلغ، ولا يختصّ بالخبر القائم على الاستحباب، والكلام في استحباب الاحتياط أعمٌّ من ذلك، فإنّ فتوى المشهور باستحباب العمل الذي يُحتاط فيه يشتمل ما إذا كان منشأ الشبهة فقدان النص، وأخبار من بلغ التي هي المدرك في مسألة التسامح في أدلّة السنن لا تشمل صورة فقدان النص)، انتهى كلامه.
أقول: لقد أجاد فيما أفاد، فحكم استحباب إتيان العمل من باب الاحتياط أمرٌ مستقلّ غير مرتبط بمسألة التسامح في أدلّة السنن، ولقد عرفت منّا إمكان القول باستحبابه الشرعي المولوي لا الإرشادي، فإذا بلغ وانجرّ الكلام إلى أخبار من بلغ والتسامح في أدلّة السنن، فلا بأس أن نبحث عن هذا الموضوع في المقام مستقلاًّ، لكثرة الإشارة إليها في البحوث، وأهميّة الثمرة المترتّبة عليها.
***
البحث عن التسامح في أدلّة السنن
البحث عن التسامح في أدلّة السنن
أقول: وردت أخبار عديدة وضعها الفقهاء بأخبار من بلغ، عرّفوها بأنـّها تُرشد إلى لزوم التسامح في الأخذ بمضمون الأخبار التي تتحدّث عن الأعمال المستحبّة، وعليه فلابدّ أوّلاً من ذكر أخبارها، ثمّ التعرّض لبيان كيفيّة دلالتها، ومن ثمَّ ذكر الثمرة المترتّبة عليها، فنقول ومن الله الاستعانة:
الأمر الأوّل: في الأخبار الواردة بهذا المضمون، وهي عديدة:
منها: صحيحة هشام بن سالم، عن الصادق عليهالسلام،قال: «من بلغه عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهشيءٌ من الثواب فَعمِله، كان أجرُ ذلك له، وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهلم يقله»[1] .
ومنها: ما عن الكليني، عنهم عليهمالسلام: «من بلغه شيءٌ من الخير فعمل به كان له من الثواب ما بلغه، وإن لم يكن الأمر كما فعله»[2] .
ومنها: ما عن محمّد بن مروان، قال: «سمعتُ أبا جعفر عليهالسلام يقول: من بلغه ثوابٌ من الله تعالى على عملٍ، فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه، وإن لم يكن الحديث كما بلغه»[3] .
ومنها: ما عن «الإقبال»، عن أبي عبد الله عليهالسلام: «من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له ذلك» [4] .