درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/01/25

بسم الله الرحمن الرحیم

هذا بخلاف الأمر في الاحتياط،فإنّ‌حُسن‌الاحتياط وإن‌كان‌من‌المستقلاّت العقليّة الواقعة في سلسلة المعلولات، إلاّ أنّ العقل بما أنـّه عقلٌ لا يحكم ولا يستقلّ بلزوم الاحتياط فيه، فلا مانع من أن يكون الأمر الشرعي فيه مولويّاً:

إمّا بالوجوب تحصيلاً لدرك الواقع، لو رأى الشارع فيه مصلحة ملزمة كما عليه الأخباريّين.

أو استحباباً كما نحن عليه.

وعليه، فالقول بالاستحباب الشرعي في الاحتياط المستفاد من الأخبار قولٌ قويّ، ونحن نتّفق في ذلك مع ما تبنّاه المحقّق الخوئي في «مصباح‌الاُصول».

وهذا الحُسن والاستحباب يجري في التوصّليّات في جميع أقسام المشتبهات، فيما يمكن فيه الاحتياط من أقسام الدوران في غير المحذورين، من الوجوب والاستحباب، والوجوب والإباحة أو الكراهة، وغيرها من الثنائيّات أو الثلاثيّات، إلاّ أن يستلزم الاحتياط العُسر والحرج على المكلّف، بأن يصبح مرجوحاً أو موجباً لاختلال النظام، أو الضرر والوسواس، فعند ذلك يصير حراماً، فلا حُسن فيه عقلاً ولا شرعاً .

هذا كلّه في التوصليّات، ويترتّب عليه الثواب إذا أتى به لداعي احتمال المحبوبيّة، لأنـّه انقيادٌ وإطاعة حكميّة.

حكم الاحتياط في المشتبهات التعبّديّة

حكم الاحتياط في المشتبهات التعبّديّة

وأمّا الاحتياط في التعبّديّات:

1 ـ أمّا عند دوران الأمر بين الوجوب والاستحباب، فإنّه لا إشكال فيه من جهة حُسنه عقلاً وشرعاً، لأنّ إتيان العمل بداعي الأمر المضاف إلى الله على أيّ حال، وبداعي أمره رجاءً حسنٌ.

كما أنـّه لو لم يكن واجباً كفى في صحّة العمل التقرّب به إليه، إذ لا وجه للإشكال فيه إلاّ من ناحية قصد الوجه بأن لا يمكن قصد كون الأمر وجوبيّاً أو ندبيّاً، وهو غير معتبرٍ قطعاً، كما هو ثابت عند الفقهاء لندرة القائل بوجوبه.

نعم ، إن اعتبرنا ذلك في العبادات ، جرى فيه من الإشكال م ا يجري فيما سنذكره.

2 ـ وأمّا رجحان الاحتياط في العبادات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب ففيه إشكال، ولذلك قال الشيخ الأعظم قدس‌سره في فرائده:

(فيه وجهان أقواهما العدم، لأنّ العبادة لابدّ فيها من نيّة التقرّب،المتوقّفة على العلم بأمر الشارع تفصيلاً أو إجمالاً،كما فيكلٍّ من‌الصلوات‌الأربع‌عند اشتباه القبلة، وما ذكرنا من ترتّب الثواب على هذا الفعل، لا يوجبُ تعلّق الأمر به، بل هو لأجل كونه انقياداً للشارع، والعبد معه في حكم المطيع، بل لا يُسمّى ذلك ثواباً.

ودعوى : أنّ العقل إذا استقلّ بحسن هذا الإتيان ثبت بحكم الملازمة الأمر به شرعاً .

مدفوعة: بما تقدّم في المطلب الأوّل من أنّ الأمر الشرعي بهذا النحو من الانقياد كأمره بالانقياد الحقيقي والإطاعة الواقعيّة في معلوم التكليف إرشادي محض، لا يترتّب على موافقته ومخالفته أزيد ممّا يترتّب على نفس وجود المأمور به أو عدمه، كما هو شأن الأوامر الإرشاديّة، فلا إطاعة لهذا الأمر الإرشادي ولا ينفع في جعل الشيء عبادة، كما أنّ إطاعة الأوامر المتحقّقة لم تصر عبادة بسبب الأمر الوارد بها في قوله تعالى: «أَطِيعُوا الله‌َ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ».