95/01/24
بسم الله الرحمن الرحیم
نعم، يمكن أن يستفاد استحبابه الشرعي من بعض الأخبار الواردة في الترغيب على الاحتياط :
كقوله عليهالسلام: «من ترك الشُّبهات نازعته نفسه أن يقع في المحرّمات».
وقوله عليهالسلام: «من ترك الشُّبهات كان لما استبانَ له من الإثم أترك» .
وقوله عليهالسلام: «من يرتع حول الحِمى أوشك أن يقع فيه».
ونحو ذلك من الأخبار التي يمكن أن يُستظهر من التعليلات الواردة فيها أنـّها منقبيل حِكمة تشريعاستحبابالاحتياط،وإنكانللمنع عنذلك أيضاًمجال.
وعلى كلّ حال، لا شبهة في حسنه العقلي وإمكانه في التوصّليّات ترك ما يحتمل حرمته، وفعل ما يحتمل وجوبه)، انتهى محلّ الحاجة[1] .
قال المحقّق الخوئي: ـ نقلاً عن اُستاذه النائيني ـ إنّه: (يمكن أن لا يكون الأمر بالاحتياط ناشئاً عن مصلحة إدراك الواقع، بل يكون ناشئاً عن مصلحةٍ في نفس الاحتياط،لحصول قوّةٍ للنفس باعثة علىالطاعات وترك المعاصي، وحصول التقوى للإنسان، وإلى هذا المعنى أشار بقوله: «من ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك»، والوجه فيه ظاهر، فإنّ حصول المَلكات الحميدة أو المذمومة تدريجي، ولترك الشُّبهات في ذلك أثرٌ بيِّنٌ، وعليه فيمكن أن يكون الأمر بالاحتياط بهذا الملاك، وهو ملاكٌ واقعٌ في سلسلة علل الأحكام،فيكون الأمر الناشئ عنه مولويّاً)، انتهى كلامه نقلاً عن «مصباح الاُصول» [2] .
أقول: وما ذكره قدسسره هنا في غاية المتانة، ونحن نزيد عليه من إمكان القول بكون حُسن الاحتياط واقعاً في سلسلة معلولات الأحكام من جهة حسنه عقلاً، ولكن مع ذلك يكون الحكم الشرعي فيه أيضاً مولويّاً لا إرشاديّاً، للفرق بين ما كان من قبيل الواجبات والمحرّمات في وجوب الطاعة وحرمة المعصية، وما كان من قبيل المستحبّات والمكروهات :
إذ المولويّة في ما فيه العقل له حكمٌ بوجوب الطاعة مستحيلة، ولو لم نقل باستحالة التسلسل، لأنّ مجرّد الأمر المولوي ولو لم يكن متناهياً لا يكون محرّكاً للعبد، ما لم يكن له إلزامٌ من ناحية العقل، فلابدّ من أن ينتهي الأمر المولوي في مقام المحرّكيّة نحو العمل إلى الإلزام العقلي، فلا مناص من أن يكون الأمر في تلك الموارد إرشاديّاً.