95/01/22
بسم الله الرحمن الرحیم
في حُسن الاحتياط ورجحانه في مطلق الشُّبهات
في حُسن الاحتياط ورجحانه في مطلق الشُّبهات
التنبيه السادس: ويدور البحث فيه حول رجحان الاحتياط وحُسنه عقلاً في الشُّبهات جميعاً، سواءٌ أكانت الشبهة حكميّة أو موضوعيّه، وجوبيّة أو تحريميّة، إذا كان المشتبه من الاُمور التوصيليّة، لأنّ احتمال وجود الواقع ورجحان حفظه، ولو من جهة الأمن من العقاب مهما أمكن كان حَسَناً عقلاً، هكذا في ناحية ترك ما يُحتمل مفسدته عقلاً، ولو كان حسنه من باب الانفساد.
وأمّا حسنه شرعاً: فقد تحدّث عن ذلك صاحب «الفوائد» بالتفصيل بقوله:
(إنّ استحبابه الشرعي من جهة أوامر الاحتياط إشكالٌ، لاحتمال أن تكون الأخبار الواردة في الباب على كثرتها للإرشاد إلى ما يستقلّ به العقل من حُسن الاحتياط، تحرّزاً عن الوقوع في المفسدة الواقعيّة، وفوات المصلحة النفس الأمرية، وحكم العقل برجحان الاحتياط وحسنه إنّما يكون طريقاً إلى ذلك، لا أنـّه نشأ عن مصلحةٍ في نفس ترك ما يُحتمل الحرمة، وفعل ما يحتمل الوجوب، بحيث يكون ترك المحتمل وفعله بما أنـّه محتملٌ ذا مصلحة يحسن استيفائها عقلاً.
ومن ذلك يظهر فساد ما ربما يتوهّم من استحباب الاحتياط شرعاً بقاعدة الملازمة، فإنّ المورد ليس من موارد قاعدة الملازمة، لما تكرّر منّا أنّ مورد الملازمة إنّما هو فيما إذا كان الحكم العقلي واقعاً في سلسلة علل الأحكام، من المصالح والمفاسد التي تُبنى عليها الأحكام، وأمّا إذا كان الحكم العقلي واقعاً في سلسلة معلولات الأحكام،منالإطاعة والعصيان،وما يتبعهما منالثوابوالعقاب، فلا محلّ لقاعدة الملازمة. والحكم العقلي في باب الاحتياط يكون من القسم الثاني، لما عرفت من أنـّه طريقٌ محضٌ للتخلّص عن فوات المصلحة، والوقوع في المفسدة النفس الأمرية، فهو نظير حُكمه بحُسن الإطاعة وقبح المعصية، فلا يمكن إثبات استحباب الاحتياط شرعاً من طريق قاعدة الملازمة.