درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

95/01/16

بسم الله الرحمن الرحیم

وثانيهما: على فرض قبول جريان الأصل المزبور، فإنّما يصحّ جريانه في الأوصاف التي تعدّ من عوارض الوجود مثل القرشيّة للمرأة، حيث إنّها ليست من عوارض ماهيّة المرأة وذاتها، هذا بخلاف الأوصاف التي تعدّ من عوارض الماهيّة كالكلبيّة والغَنَميّة ونظائرهما، حيث تعدّ عارضة على ذات الكلب والغنم لا بتوسّط وجودهما، والقابليّة وعدمها تعدّان من القسم الثاني لا الأوّل، فلا يمكن إجراء الاستصحاب فيها.

وفيه: إنّ المحقّقين قسّموا العرض إلى قسمين: عارض الوجود، وعارض الماهيّة، وكلّ منهما إلى اللاّزم والمفارق، فتصبح الأقسام أربعة.

أمّا الزوجيّة فهي من العوارض اللاّزمة لماهيّة الأربعة، كما أنّ الوجود من عوارض المفارقة للماهيّة.

وأمّا العوارض اللاّزمة للوجود، كموجوديّة الوجود بالمعنى المصدري، ونورانيّته ومنشأيّته الآثار.

وأمّا المفارقة له كالسواد والبياض بالنسبة إلى الجسم الموجود.

وأمّا القابليّة: وعدمها فيمكن أن يقال بأنّها من العوارض اللاّزمة للوجود أو الموجود، وليست من العوارض اللاّزمة للماهيّة.

نعم، لا يبعد أن يكون من العوارض المفارقة للماهيّة، لكن بتبع الوجود، حيث إنّه يفارق عن الماهيّة، لكن متى ما عرض الوجود ـ أي ببركة الوجود ـ عرضت الماهيّة كما هو الشأن في عامّة العوارض الوجوديّة.

أقول: إذا ثبتت هذه المقدّمة، فإنّه يمكن أن يقرّر الأصل، بأن نقول:

إنّ القابليّة تكون كالقُرَشيّة من عوارض الوجود، فإنّ القُرشيّة عبارة عن الانتساب في الوجود الخارجي إلى قريش، كما أنّ القابليّة عبارة عن خصوصيّة موجودة في وجود الحيوان، بها يصلح لورود التذكية عليه، وبها يترتّب الحليّة والطهارة، فبناءً على ذلك كما يصحّ لنا أن نشير إلى ماهيّة المرأة المشكوكة بأنّها قُرشيّة أم لا، بأنّ هذه الماهيّة قبل أن توجد ما كانت قرشيّة، فالآن كما كانت، فهكذا يمكن أن يقال في ناحية القابليّة إنّ الحيوان الكذائي بماهيّته لم يكن قابلاً للتذكية قبل وجوده، ونشكّ في أنـّه إذا وجد وتلبّس بالوجود، هل عرض له القابليّة أو لا؟ فالأصل عدم عروضها.

وهذا الاستصحاب لو أمكن جريانه لأغنانا عن استصحاب عدم التذكية لحكومته عليه، حكومة الأصل السببي على المسبّبي، ويكون حاكماً على الاُصول الحُكْميّة عامّة، ولعلّه لذلك نرى أنّ الشيخ الأعظم قدس‌سره قد تمسّك بأصالة عدم القابليّة في الحكم بعدم التذكية، بل نقل المحقّق الخميني قدس‌سره هذا المعنى عن شيخه العلاّمة، أي المحقّق‌الحائري قدس‌سره، وإن لم نجد هذا المطلب بهذا التفصيل في «درر الفوائد»، ولعلّه قد استفاد ذلك من محضر درسه الشريف بما نقله هنا.

وكيف كان، نحن نقول لقد أجاد فيما أفاد اُستاذه رحمه‌الله.

غاية الأمر أنـّه أشكل عليه المحقّق‌الخميني قدس‌سره، على فرض غمض العين عن إشكاله السيّال في الاُصول العدميّة الأزليّة على مذاقه.