94/12/18
بسم الله الرحمن الرحیم
ويرد عليه أوّلاً: بأنّ انتساب التذكية إلى الفاعلين يساعد مع كلا الفردين، بأن يحصل التذكية بالمباشرة أو بالتسبيب والتوليد، لوضوح أنّ من أوجد شيئاً بواسطة إيجاد سببه، صحّ إسناد المسبّب إليه،كالقتل المنسوب إلى شخصٍ أوجد أمراً حصل فيه قتلُ إنسانٍ، فيقال ويطلق عليه إنّه قاتلٌ، فلا مانع من أن يكون المراد من قوله تعالى:«مَا ذَكَّيْتُمْ» هنا هو المعنى الثاني، أي من أوجد ما يحصل ويولد منه التذكية، نظير تذكية النفس وتطهيرها بممارسة بعض الأفعال والأوراد لإتيان بعض ما يحصل منه ذلك، أو ترك شيء كان أثره كذلك .
وثانياً: بناءً على خروج القابليّة عن الاُمور المركّبة في التذكية، فبمجرّد القطع بحصول الأفعال بلا حصول القطع للقابليّة، لا يوجبُ اليقين بحصول التذكية، لاحتمال كون الحيوان غير قابلٍ، فالحالة السابقة بعدم حصول اليقين بالقابليّة موجودة حال الحياة، فيستصحب إلى بعد ورود فعل المذكّى عليه، وعليه لايمكن الحكم بحصول الطهارة.
فدعوى حصول التذكية بعد ورود فعل المذكّي، مع دعوى كون القابليّة شرطاً في تحقّق التذكية مع عدم إحرازه، لا يخلو عن تهافتٍ.
وثالثاً: إنّ دخالهالقابليّة فيالتأثير عبارهاُخرى عنتقييد موضوع الحكم به، فالموضوع في الواقع عبارة عن الاُمور الخمسة المشترطة بالقابليّة، وهذا المعنى المتقيّد المشترط مسبوقٌ بالعدم، فيستصحب، فلا يمكن الحكم بالطهارة والحليّة.
نعم، يصحّ ما ذكره لو جعلنا التذكية عبارة عن تركيب الاُمور الخمسة والقابليّة، ولم تكن القابليّة شرطاً خارجيّاً دخيلاً في حصول التذكية:
إمّا من جهة اختيار كون القابليّة موجودة في جميع الحيوانات.
أو من جهة أنـّه ليس ممّا يجري فيه الأصل، بواسطة عدم حجّية الأصل الأزلي مثلاً .
أو لأنّ إجرائه موجبٌ لكونه أصلاً مثبتاً، وغير ذلك من الأنحاء.
فحينئذٍ بعد إحراز وقوع الاُمور الخمسة التي هي عبارة عن التذكية، يصبح وقوع التذكية مقطوعاً، ويحكم بالطهارة والحليّة لا بواسطة أصلها، ولكن إثبات مثل ذلك مشكلٌ جدّاً .
هذا بخلاف ما لو كانت التذكية أمراً بسيطاً، أو اعتباراً قائماً بها، أو بسيطاً مقيّداً أو مركّباًتقييديّاً، فأصالهعدمالتذكية جارية،كما لايخفى علىالمتأمّلالدقيق.