درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/12/10

بسم الله الرحمن الرحیم

أقول: ولا يخفى ما في كلامه من الإشكال، لوضوح أنـّه لا يمكن انطباق المعلوم بالإجمال بالفعل على طرفٍ خاص، مع انطباق عنوان تفصيليعليه‌بالفعل، لوضوح قيام كمال التنافي بين كون شيءٍ مثلاً خمراً تفصيلاً ، وبين كونه خمراً احتمالاً بصوره‌المعلوم‌بالإجمال، وما ترى من‌إمكان الجمع بين‌المعلوم بالإجمال مع الشكّ في ناحيته، لأنّ معنى المعلوم بالإجمال ليس إلاّ الشكّ في الانطباق في ناحيته، فلا منافاة بينهما، بل كمال الملائمة بينهما واضحٌ، هذا بخلاف المعلوم بالإجمال مع عنوان المعلوم بالتفصيل، فهما لا يجتمعان.

نعم، يصحّ فرض الاجتماع بينهما إذا اختلف زماني الانطباق بينهما، بأن يكون طرفاً خاصّاً منطبقاً عليه عنوان المعلوم بالإجمال سابقاً، وبين كونه منطبقاً عليه المعلوم بالتفصيل فعلاً، وهما يجتمعان، ولا تنافي بينهما كما لا يخفى.

وفي المقام يكون من هذا القبيل، لأنّ ميزان الانحلال ليس قائماً بإيجاد مقدار المعلوم بالإجمال مع مقدار المعلوم بالتفصيل، بأن يكون هو عينه، لإمكان دعوى خلافه ولو احتمالاً، لأنـّه واضحٌ بالوجدان بأنـّه ليس كذلك، لأنـّه بعد الانحلال لم يحتمل وجداناً كون المشتبه في الطرف الآخر، إلاّ أنـّه لا يضرّ بالمقصود، لأنّ الميزان والمعيار في الانحلال هو عدم بقاء العلم الإجمالي في لوح النفس، بعد حصول العلم بقيام الأدلّة والطرق والأمارات والاُصول المثبتة للتكليف، وتصير القضيّة المنفصلة الحقيقة أو المانعة لخلوّ منقلبة إلى قضيّة متيقّنة ومشكوكة فيها، فبعد صيرورة المعلوم بالإجمال كذلك، يصدق الانحلال بالنسبة إلى العلم الإجمالي حقيقةً، بالنظر إلى عدم وجوده بعد ذلك في لوح النفس، إن كان شرائط الانحلال فيه موجوداً.

ومن جملة شروط الانحلال، هو مقارنة المعلوم بالإجمال مع المعلوم بالتفصيل في طرفٍ خاص، مع كون زمان العلم فيهما متّحداً، حتّى لا يوجب الإشكال بأنّ ما تنجّز عليه المعلوم بالإجمال كيف يمكن أن يُنجّز ثانياً بالعلم التفصيلي، لأنـّه تحصيل للحاصل، وهو محالٌ، هذا بخلاف ما لو كان مقارناً حيث إنّه يوجب انحلال العلم الإجمالي، وصيرورة التنجّز مخصوصاً للعلم التفصيلي بالوجدان، أو بالأمارة، أو للأصل.

بيان الفرق بين الانحلال الحقيقي والدائمي

بيان الفرق بين الانحلال الحقيقي والدائمي

يمكن أن يقال إنّ الفرق بين الانحلال الحقيقي والحكمي إنّما هو من جهة الفرق بين ما هو السبب للانحلال :

فإن كان السبب هو العلم التفصيلي الوجداني على وجود المعلوم بالإجمال في ناحيةٍ، فالانحلال قهريٌ حقيقي إن كان المعلوم بالإجمال متّحداً مع المعلوم بالتفصيل، فلا يبقى حينئذٍ للناحية الاُخرى شكٌّ أصلاً، حيث يصدق عليه انهدام العلم الإجمالي وانعدامه، لا الانحلال المتعارف على ألسنة القوم من جهة اعتقادهم بتبديل القضيّة إلى قضيّتين من قضيّة مبيّنة وقضيّة مشكوكة، هذا بخلاف ما لو كان المعلوم بالتفصيل غير ما هو المعلوم بالإجمال كما في النجاسة.

وأمّا لو كان السبب غير العلم الوجداني من الأمارة والأصل وغيرهما، حيث أنـّه بقيام الدليل أو الأدلّة على وجوده في ناحيةٍ بالخصوص، يوجب كون التعبّد في مقام الامتثال في ناحية خاصّة موجباً لصيرورته معلوماً تفصيلاً بالتعبّد من جهة التنجّز، وصيرورة الاُخرى مشكوكة، فيكون الانحلال حُكميّاً إن كان التقارن بين العلم التفصيلي والتعبّدي والمعلوم الإجمالي محفوظاً كما مرّ آنفاً هذا التفصيل .

أقول: وهذا الوجه من الانحلال لا يخلو عن وجه، إذ لا مشاحة في الاصطلاح، بعد وضوح أصل المطلب، وتحقيق الكلام أزيد من هذا موكولٌ إلى محلّه إن شاء الله تعالى؛ لأنّ الصور قد عرفت بكونها أزيد من ذلك، لإمكان أن يكون العلم التفصيلي أو ما تقوم به الأمارة أو الأصل متأخّراً عن المعلوم بالعلم الإجمالي، حيث يأتي البحث عن إمكان انحلاله ولو حكماً وعدمه، أو لزوم التفصيل بين كون المعلوم مقارناً مع المعلوم بالإجمال لينحلّ، وبين ما لا يكون كذلك فلا ينحلّ، وجوهٌ وأقوال يأتي بحثها إن شاء الله في محلّه.