94/11/19
بسم الله الرحمن الرحیم
وسابعاً: بأنّ الأمر في قوله: «قِف عند الشبهة، لأنّ الوقوف فيها خيرٌ من الاقتحام في الهلكة»، دائرٌ :
بين حمله علىالاستحباب،وجعلإطلاق المتعلّق محفوظاً بالحكم برجحان الوقوف في جميع موارد الشبهة من التحريميّة والوجوبيّة،والحكميّهوالموضوعيّة.
وبين حَمله على الوجوب، وتخصيص إطلاق متعلّقه بالنسبة إلى الثلاثة الأخيرة، وحصره بالشبهة التحريميّة فقط.
ولا إشكال في كون الأوّل أولى، لإباء مثل هذه الجملهوالكبرىللتخصيص، إذ لا معنى من تخصيص الهلكة بمثل هذه الموارد، بخلاف ما لو جُعل هذه خارجاً عن الهلكة موضوعاً وتخصيصاً، لأنّ الأمر برجحان التوقّف من جهة الخوف في الوقوع فيها مطلقاً، أمرٌ مقبول حَسنٌ عند العقلاء، حيث ينطبق كلّ موردٍ بحسب مقتضاه، فإذا كان التوقّف فيه واجباً مثلاً، كما في باب الفروج والدِّماء حُكم فيها بالوجوب، وإذا كان المورد ممّا يستحبّ فيه كما في الشُّبهات الموضوعيّة والوجوبيّة حُكم بالندب، أو يُحمل أمره على الاستحباب في جميع الموارد، إن لم نلتزم بالتفاوت في باب الحكم وغيره.
رأي المحقّق العراقي ومناقشته
رأي المحقّق العراقي ومناقشته
استدلّ رحمهالله بأخبار التوقّف في الشُّبهات في المشتبهات البدويّة بتقريب آخر مذكور في «نهاية الأفكار»، وحاصله:
أنـّه بعد شمول إطلاق الشبهة للشبهات البدويّة بعد الفحص، وظهور الهلكة في العقوبة، يستكشف من إطلاقها بنحو الإنّ بضميمة حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان عن إيجاب الشارع الاحتياط في المرتبة السابقة عن الأمر بالتوقّف والسكون،وبعد صلاحيّهإيجاب الاحتياطالمستكشف للبيانيّة والمنجّزية للتكليف المجهول، تخرج الشُّبهات البدويّة عن مورد حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.
فأجاب عنه الشيخ رحمهالله: بأنّ العقوبة بلحاظ الحكم الواقعي قبيحٌ بمقتضى تلك القاعدة، وبالنسبة إلى إيجاب الاحتياط تكون على مخالفة نفس الاحتياط لا الواقع وهو حكم ظاهري لا واقعي وهو خلاف الفرض.
فأورد عليه المحقّق العراقي: (بأنـّه لا منافاة بأن يكون البيان المُصحّح للعقوبة ما يعمّ الاحتياط أيضاً، كما يشهد به الوجدان والارتكاز من العرف والعقلاء، فإنّ البيان الرافع لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، عبارةٌ عن مطلق ما أُنشأ بداعي حفظ المرام الواقعي عند الشكّ به، كان ذلك بلسان تتميم الكشف، أو بلسان إيجاب الاحتياط أو غير ذلك... .
وعليه، فبعد صلاحيّة مثل إيجاب الاحتياط للمنجّزية يتوجّه الإشكال المزبور، فإنّ للقائل بالاحتياط حينئذٍ إثبات العقوبة على مخالفة الواقع المشكوك بنفس إيجاب الاحتياط المُستَكشف من إطلاق الشبهة في هذه الأخبار ولا يكاد اندفاعه بما اُفيد من جعل إيجاب الاحتياط مردّداً بين النفسي والغيري كما هو ظاهر).