94/11/13
بسم الله الرحمن الرحیم
وثالثاً: لو سلّمنا بأنّ الآية ـ على الفرض ـ تدلّ على ذلك، فتشمل بإطلاقها جميع الشُّبهات الوجوبيّة والتحريميّة، والحكميّة والموضوعيّة، لكن خروج مثل الوجوبيّة والموضوعيّة يكون بالاتّفاق، والقول بالتخصيص في مثل هذه الجهة غير مناسب مع سياق هذه الآية الشريفة، إذ لا يحسن القول: (لا تلقوا أنفسكم في التهلكة عدا التهلكة الفلانيّة).
وعليه، فالأولى دعوى خروج الشُّبهات عنها تخصّصاً لا تخصيصاً.
ورابعاً: إن سلّمتم خروج مثل الشبهة الوجوبيّة والموضوعيّة، فلا يكون إلاّ بواسطة الدليل، فنقول بمثل ذلك في الشُّبهات التحريميّة الحكميّة بما قد عرفت من الدليل الذي ذكرنا.
وأمّا الجواب عن آية النزاع: فواضحٌ بعدما ثبت من جواز الحكم بالبراءة في المشتبهات فيما إذا ورد دليلٌ على البراءة كما سبق بيان ذلك، هذا فضلاً عن أنّ حكمنا بالبراءة كان بالرجوع إلى الله والرسول للأخذ بظاهر الدليل الشرعي والعقلي كما قد عرفت.
وبالجملة: ثبت ممّا ذكرنا أنّ الآيات جميعها بعيدة عن الدلالة على وجوب الاحتياط ولزوم التوقّف في الشُّبهات كما ادّعاها الأخباريّون.
***
البحث عن الأخبار التي استدلّ بها على وجوب الاحتياط
البحث عن الأخبار التي استدلّ بها على وجوب الاحتياط
وأمّا من السُنّة: فهو طوائف من الأخبار، فلا بأس بالإشارة إليها فيالجملة:
الطائفة الاُولى: ما قيل إنّها تدلّ على حرمة القول والإفتاء بغير العلم:
منها : ما رواه هشام بن سالم ، قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما حقّ الله على خلقه؟
قال : أن يقولوا ما يعلمون ، ويكفّوا عمّا لا يعلمون ، فإذا فعلوا ذلك فقد أدّوا إلى الله حقّه»[1] .
ومنها: ما رواه زرارة، قال: «سألتُ أبا جعفر عليهالسلام: ما حجّة الله على العباد؟ وفي رواية: ما حقّ الله على العباد؟
قال: أن يقولوا ما يعلمون وينفوا ما لا يعلمون»[2] .
ومنها: حديث سماعة بن مهران، عن أبي الحسن عليهالسلام في حديثٍ، قال:
«إذا جاءكم ماتعلمون فقولوا به،وإذا جاءكم ما لاتعلمون فها،وأومأ بيده إلى فيه»، الحديث. كما نقله في «عنايهالاُصول» وغير ذلك ممّا هو مثلها في المضمون.