94/11/05
بسم الله الرحمن الرحیم
بيان إيراد الشيخ الأنصاري ومناقشته
الوجه الرابع من الإشكالات الواردة: هو الذي أفاده شيخنا الأنصاري رحمهالله، وملخّصه على ما في «مصباح الاُصول» :
(إنّ استصحاب البراءة لو كان موجباً للقطع بعدم العقاب، صحّ التمسّك به وإلاّ فلا، إذ مع بقاء احتمال العقاب بعد جريان الاستصحاب، لا مناص من الرجوع إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان لسدّ باب هذا الاحتمال، ومعه كان التمسّك بالاستصحاب لغواً محضاً، لأنّ التمسّك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان كافٍ في سدّ باب احتمال العقاب من أوّل الأمر، بلا حاجةٍ إلى التمسّك بالاستصحاب .
وعليه، فإن بنينا على كون الاستصحاب من الأمارات، أو قلنا بحجيّة مثبتات الاُصول، حصل منه القطع بعدم العقاب، وصحّ التمسّك به، إذ عدم المنع من الفعل الثابت بالاستصحاب مستلزمٌ للرخصة في الفعل، فإذا فرض ثبوت الرخصة من قِبل الشارع بالتعبّد الاستصحابي باعتبار كونها من لوازم عدم المنع المستصحب، لم يحتمل العقاب، فإنّ العقاب على الفعل مع الترخيص فيه غير محتملٍ قطعاً، وأمّا لو لم نقل بكون الاستصحاب من الأمارات، ولا بحجيّة مثبتات الاُصول كما هو الصحيح، فلا يصحّ التمسّك بالاستصحاب في المقام، إذ لا يثبت به الترخيص الموجب للقطع بعدم العقاب، ويبقى احتمال العقاب، فنحتاج إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان، ومعه كان التمسّك بالاستصحاب لغواً أيضاً كما تقدّم)، انتهى ما في «المصباح» نقلاً عن الشيخ.