درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/11/04

بسم الله الرحمن الرحیم

ولكن هذا الاستصحاب غير جارٍ هنا، لأنّ الإشكال فيمجرى‌الاستصحاب إنّما يكون في الشكّ الذي ليس في مورده دليلٌ على حجيّته، مثل قاعدة دفع الضرر المحتمل، وقد عرفت بأنّ المورد ـ أي الشكّ قبل الفحص ـ هو محلّ جريان قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل، وبعد الفحص واليأس عن الدليل يتحقّق موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان،كمايصحّ‌جريان‌حكم‌استصحاب‌عدم‌التكليف.

وبعبارة أوفى هو أن يقال: بأنّ الاستصحاب إنّما يجري فيما إذا لم يكن نفس الشكّ موجباً لحصول الحجّية للمكلّف بالبطلان أو غيره، وإلاّ لم تصل النوبة إلى الاستصحاب،كالشكّ فيعدد الركعات فيالصلاه‌الثنائيّة،حيث إنّه بمجرّد عروض الشكّ، يوجب حصول الحجّة على البطلان، فلا يتوقّف على جريان استصحاب عدم الزيادة، لو كان الشكّ في زيادة ركعة ثالثة وعدمها، فهكذا يكون في المقام، حيث إنّ الشكّ في التكليف بمجرّد عروضه كما لا يجري فيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان، كذلك لا يجري فيه الاستصحاب أيضاً لوجوب الفحص عن الدليل بعد عروض الشكّ، فيكون حينئذٍ مورداً لجريان قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل.

وأمّا بعد الفحص واليأس، فكما يصحّ جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان، كذلك يصحّ جريان الاستصحاب، فيجمع بينهما حينئذٍ.

لا يقال: أيُ مانعٍ من جريانهما واجتماعهما معاً بأن يتحقّق في موردٍ اجتماع دليلي الاستصحاب وقاعدة قبح العقاب بلا بيان، كما جُمع في مورد الشكّ في حرمة الشيء الذي دلّت الأمارة فيه على عدم الحرمة، وجرت فيه أيضاً أصالة الحليّة من قوله: «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه»، وأيضاً في مورد آخر جرى فيه قاعدة الطهارة المستفادة من قوله: «كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنـّه قذر». وجرى استصحاب الطهارة المتيقّنة، فهكذا كان في المقام .

لأنـّا نقول: لا يصحّ في المقام ذلك، لأنّ جريان أحدهما هنا يوجب اعدام موضوع الآخر، وهو كالاستصحاب هنا، لأنّ معنى استصحاب عدم التكليف الفعلي هنا بعد البلوغ، يكون معناه الخروج عن كون العقاب بلا بيان، واندراجه في قبح العقاب مع البيان بعدم العقاب، لأنّ مقتضى لسان الاستصحاب هو وجود الحجّة على عدم التكليف والعقاب، فلا يبقى مورد لتلك القاعدة، إلاّ أن يراد من البيان في قاعدة قبح العقاب بلا بيان، بيان التكليف فقط، لا عدم التكليف، وهو غير وجيه.

وعليه، فلا محيص من الالتزام بعدم جريان الاستصحاب من طريقٍ آخر كما حقّقناه سابقاً.