درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

بيان الإيراد الثاني للمحقّق النائيني ومناقشته

الوجه الثالث من الإشكالات: هو ما أفاده المحقّق النائيني قدس‌سره على ما هو المحكي عنه في «مصباح الاُصول» وهو :

(أنـّه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون الأثر المطلوب مترتّباً على مجرّد الشكّ في الواقع، أو الأعمّ منه ومن الواقع،فلا مجال لجريان الاستصحاب مثلاً لو كان التشريع المحرّم عبارة عن إدخال ما لم يعلم أنـّه من الدِّين في الدِّين أو الأعمّ منه، ومن إدخال ما ليس من الدِّين في الدِّين، فمجرّد الشكّ في كون شيء من الدِّين كافٍ في الحكم بحرمة إسناده إلى الشارع، فإجراء استصحاب عدم كونه من الدِّين، لإثبات حرمة الإسناد، تحصيلٌ للحاصل، بل من أردأ أنحانه، فإنّه من قبيل إحراز ما هو محرَزٌ بالوجدان بالتعبّد.

والمقام من هذا القبيل بعينه، إذ الأثر المرغوب من استصحاب عدم‌التكليف قبل البلوغ، ليس إلاّ عدم العقاب، وهذا مترتّبٌ على نفس الشكّ في التكليف لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، فلا نحتاج إلى إحراز عدم التكليف بالاستصحاب).

وأجاب عنه المحقّق الخوئي في «المصباح»: (بأنّ ما ذكر إنّما يتمّ لو كان الأثر مترتّباً على خصوص الشكّ، وأمّا إن كان الأثر أثراً للجامع بينه وبين الواقع، فلامانع من جريان الاستصحاب، إذ بجريانه يصل الواقع إلى المكلّف، ويرفع الشكّ تعبّداً فلم يبق معه شكٌّ ليلزم تحصيل الحاصل أو أردأ أنواعه.

نعم، لو لم يجر الاستصحاب كان الشكّ موجوداً فيترتّب عليه الأثر.

وبالجملة: ترتّب الأثر على الشكّ فرعُ عدم جريان الاستصحاب، فكيف يكون مانعاً عن جريانه، ولهذا لا إشكال في جعل الأمارة ونصبها على عدم حرمة شيء، مع أنّ أصالة الحِلّ كافية لإثباته، وكذا لا إشكال في التمسّك باستصحاب الطهارة المتيقّنة ، مع أنّ قاعدة الطهارة بنفسها كافية لإثباتها ، والمقام من هذا القبيل بعينه.

وبعباره‌اُخرى‌واضحة: قاعده‌قبح‌العقاب‌بلابيان‌متوقّفه‌على_'feتحقّق‌موضوعها، أعني عدم البيان، فكما أنـّها لا تجري مع بيان التكليف، لا تجري مع بيان عدم التكليف، والاستصحاب مباينٌ لعدمه، فلا يبقى معه موضوع لها)، انتهى كلامه[1] .

أقول: ولكن لا يخفى أنّ قياس ما نحن فيه بمثل حرمة التشريع فيما لم يُعلم أنـّه من الدِّين، أو يَعلم عدم كونه منه في الدِّين، الثابت بمجرّد الشكّ، من دون احتياجه إلى استصحاب عدم الإدخال، قياسٌ مع الفارق، لأنّ عدم العقاب ليس أثراً لنفس الشكّ في الحكم المجهول، بل هو أثر للشكّ مع شيء آخر، وهو اليأس بعد الفحص، فما دام لم يفحص لا يترتّب عليه عنوان قبح العقاب بلا بيان، ولذلك قد عرفت ذلك منّا سابقاً حيث جعلنا الشكّ قبل الفحص مركزاً لجريان وانطباق قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل دون قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فبمجرّد عروض الشكّ يصحّ أن يقال بأنّ المتيقّن في السابق هو عدم التكليف، والآن يشكّ فيه، فيُستصحب عدمه، ويترتّب على ذلك قبح العقاب بلا بيان، بل مع البيان في عدم التكليف، فلا يبقى موردٌ لجريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان، إلاّ على القول بكون المراد من البيان هو بيان التكليف، لا بيان عدمه، كما في المقام.

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 295.