درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/10/30

بسم الله الرحمن الرحیم

وثانياً: إن أراد من هذا الاستصحاب استصحابٌ آخر غير عدم التكليف الأزلي، بل أراد استصحاب عدم التكليف الثابت قبل البلوغ، فهو ممّا سيأتي الكلام حوله. وممّا يرد عليه هو أنّ هذا العدم ليس من قبيل العدم في الأزل، لأنـّه واقع في مرحلة وجود أصل الإنسان والتكليف، ومثل هذا لا يبعد أن يكون للشارع فيه حكمٌ في عالم الاعتبار ولو بقاءاً .

ولكن يرد عليه إشكالات اُخر سنذكرها في الوجوه الآتية.

بيان الإيراد الأوّل للمحقّق النائيني ومناقشته

بيان الإيراد الأوّل للمحقّق النائيني ومناقشته

الوجه الثاني من الإشكالات: هو ما ذكره المحقّق النائيني رحمه‌الله على ما قرّره صاحب«مصباح‌الاُصول» بقوله: (إنّ‌المتيقّن‌الثابت قبل‌البلوغ‌إنّماهو عدم‌التكليف في موردٍ غير قابلٍ له، كما في الحيوانات، ومثل ذلك لا يحتمل بقائه بعد البلوغ، وإنّماالمحتمل فيه عدم‌التكليف فيالموردالقابل‌له،فلا معنى_'feللتمسّك‌بالاستصحاب.

وبعبارة اُخرى: العدم الثابت قبل البلوغ عدمٌ محمولي وغيرُ منتسبٍ إلى الشارع، والعدم بعد البلوغ عدمٌ نعتي منتسبٌ إلى الشارع، وإثبات العدم النعتي باستصحاب العدم المحمولي مبنيٌ على القول بالأصل المثبت، ولا نقول به.

فأجاب عنه سيّدنا الخوئي أوّلاً: بأنّ عدم التكليف في الصبي غير المميّز وإن كان كما ذكره، إلاّ أنـّه ليس كذلك في المميّز، بل هو عدم التكليف في موردٍ قابلٍ له، وإنّما رفعه الشارع عنه امتناناً.

وثانياً: أنّ العدم المتيقّن وإن كان أزليّاً غير منتسبٍ إلى الشارع، إلاّ أنـّه يثبت انتسابه إليه بنفس الاستصحاب، فإنّ الانتساب من الآثار المترتّبة على نفس الاستصحاب، لا من آثار المستصحب، ليكون إثباته بالاستصحاب مبنيّاً على القول بالأصل المثبت، وسنذكر في بحث الاستصحاب أنّ اللّوازم التي لا تثبت بالاستصحاب، إنّما هي اللّوازم العقليّة أو العاديّة للمستصحب، وأمّا اللّوازم الفعليّة لنفس الاستصحاب فهيتترتّب عليه،إذ الاستصحاب بعد جريانه محرَزٌ بالوجدان، فتترتّب آثاره ولوازمه عليه، عقليّةً كانت أو شرعيّة)، انتهى كلامه[1] .

ونزيد عليه جواباً ثالثاً: وهو أنّ عدم التكليف المتعلّق بحال الصبا لايكون حاله أسوء من عدم التكليف المرتبط بما قبل وجود المكلّف، فإذا أجزنا جريان الاستصحاب في الأعدام الأزليّة في مثله، فجريانه في مثل حال قبل البلوغ والتمييز يكون بطريقٍ أولى، ولعلّ السرّ فيه أنّ المستصحب ليس إلاّ ملاحظة نفس العدم، من دون ملاحظة ما به الإضافة، حتّى يكون في بعض الموارد غير قابل لذلك، وفي موارد اُخرى قابلاً له حتّى يقال بالتفاوت بين الموردين، فلا يجري فيه الاستصحاب.

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 294.