94/10/29
بسم الله الرحمن الرحیم
وفيه أوّلاً: لابدّ أن يلاحظ المراد من المستَصحب في المقام:
إن اُريد منه عدم التكليف الثابت قبل وجود مكلّفٍ في الخارج، المسمّى بالعدم الأزلي، لكن بحسب التكليف الفعلي، أي الإنسان لم يكن مكلّفاً بتكليفٍ فعلي قبل وجود تكليفٍ، لعدم وجود المكلّف، فالآن كذلك ليقال إنّه لا يكون قابلاً للجعل، وليس له أثر شرعي.
فإنّه يرد عليه: أنّ القابليّة في الجعل إنّما يكون فيما يقبل الرفع والوضع، ومن الواضح إمكان جعل التكليف ولو بقاءاً، وهو يكفي في كون عدمه قابلاً للجعلوالرفع منحيث البقاء،ويصدق عليه أنـّه أثر شرعي، وكون عدم العقاب من لوازمهالعقليّة، فلايجريفيه الاستصحاب، فسيأتيأنـّه تقريبٌ آخر للاستصحاب، ونُجيب عنه في موضعه إن شاء الله .
وإن اُريد بأنّ استصحاب هذا العدم كان عدماً أزليّاً، ولا يجري فيه الاستصحاب، وقد حقّقناه في محلّه بأنّ الاستصحاب في الأعدام الأزليّة جارية لعدم وجه وجيه للالتزام بعدم جريانه، لأنـّه :
إن اعتبر في المستَصحب كونه أمراً مجعولاً بنفسه أو بأثره، فالجواب أنـّه لم يرد فيه دليلٌ بالخصوص يدلّ عليه، بل الثابت كون المستَصحب أمراً قابلاً للتعبّد الشرعي ولو بقاءاً، وهذا المعنى موجودٌ فيه.
وتوهّم: لزوم كون قابليّته للتعبّد حدوثيّاً، والعدم الأزلي لا يكون حادثاً.
مدفوع: بأنّ المعتبر كونه قابلاً له عند جريان الاستصحاب، وفي ظرفالشكّ، ولو لم يكن قابلاً وحدوثاً،وتفصيلالكلام فيذلك موكولٌ إلى_'feمبحث الاستصحاب.
أقول: نعم، قد يرد على هذا الاستصحاب بأنّاستصحابعدمالتكليفالفعلي:
إن اُريد منه استصحاب عدم المنع من شرب التتن الثابت قبل وجود التكليف، فهو وإن كان جارياً، إلاّ أنـّه معارَضٌ باستصحابٍ آخر وهو استصحاب عدم الترخيص الثابت أزليّاً، من حيث إنّه لا يكون تكليفاً أصلاً، فبالتعارض يسقط كما عرفت في استصحاب عدم الجعل والتشريع.
وإن اُريد منه استصحاب عدم التكليف الجامع، من دون تعيين متعلّقه من المنع أو الترخيص، فهذا الاستصحاب غير جارٍ قطعاً، للعلم الإجمالي بوجود أحد التكليفين في المورد، الموجب للعلم التفصيلي بتحقّق أصل التكليف الجامع.
نعم، يصحّ هذا الاستصحاب عند من يصحّح القول بخلوّ الواقعة عن مطلق الأحكام، وهو أوّل الكلام أيضاً.
وعليه، فمثل هذا الاستصحاب غير جارٍ، وإن التزمبجريانه المحقّقالعراقي والسيّد الخوئي رحمهماالله.