درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/10/16

بسم الله الرحمن الرحیم

وأمّا ما أجاب عنه المحقّق الخميني: بأنّ العقل يحكم ويستقلّ بهذا مع الغفلة عن الظلم، على أن يكون مطلق المخالفة ظلماً للمولى محلُّ بحثٍ وإشكال، لا يخلو عن تأمّل، لوضوح أنّ وجود الغفلة عن الانطباق وعدمه لا يؤثّران في أصل الاستحقاق وعدمه، لأنّ معرفة أصل كونه ظلماً لحقّ المولى كافٍ في استحقاق العقوبة، مع أنّ عدم كون مطلق المخالفة ظلماً لا ربط له بمثل ما نحن فيه، من جهة صدق الظلم، هذا إن كان البيان تامّاً كما لا يخفى.

وعليه، فوجود الغفلة إن قصد منها الغفلة حين العمل، فلا لزوم في التفاته، إذ لا أثر له في رفع العقوبة إذا كان الارتكاز مساعداً له، وإن قصد بها الغفلة من أصله، فهو ممنوعٌ من أصله.

ثمّ إنّ في منشأ جريان هذه الكبرى أي قبح‌العقاب بلا بيان،وهل المراد منه:

هو البيان الواقعي أي القاعدة تجري فيما إذا لم يرد بيان واقعي من ناحية المولى أصلاً.

أم المراد جريانها في البيان الواصل كما عليه المحقّق النائيني والمحقق الخوئي والعراقي وبعضٌ آخر؟

فيه خلافٌ، حيث ذهب المحقّق الخميني قدس‌سره إلى أنّ الملاك هو قبح العقاب بلا بيانٍ وحجّة، من دون وجود فرق بين كون البيان لم يأت رأساً من أصله، أو ذكر ولكن لم يبلغ المكلّف؛ إمّا لقصورٍ من ناحية المولى في إيصاله، أو لأسباب خارجيّة منعت عن الوصول إليه.

أمّا المحقّق النائيني فقد تحدّث عن ملاك الفرق بينهما ـ بعد ذكر توهّم كون الملاك هو البيان الواقعي ـ بقوله:

(إنّه فاسدٌ، فإنّ العقل وإن استقلّ بقبح العقاب مع عدم البيان الواقعي، إلاّ أنّ استقلاله بذلك لمكان أنّ مبادئ الإرادة الآمريّة بعدُ لم تتمّ، فلا إرادة في الواقع، ومع عدم الإرادة لا مقتضى لاستحقاق العقاب، لأنـّه لم يحصل تفويتٌ لمراد المولى واقعاً بخلاف البيان الغير الواصل، فإنّه وإن لم يحصل مراد المولى، وفات مطلوبه واقعاً، إلاّ أنّ فواته لم يستند إلى المكلّف بعد إعمال وظيفته، بل فواته:

إمّا أن يكون من قبل المولى إذا لم يستوفي مراده ببيان يمكن وصول التعبّد إليه عادةً.

وإمّا أن يكون لبعض الأسباب التي توجبُ اختفاء مراد المولى‌عن‌المكلّف.

وعلى كلّ تقديرٍ، لا يُستند الفوات إلى العبد، فلأجل ذلك يستقلُّ العقل بقبح مؤاخذته، فمناط حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان واقعي، غير مناط حكمه بقبح العقاب من غير بيان واصل إلى المكلّف)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

أقول: ولا يخفى أنّ التركيز على خصوص لفظ البيان ربما يُوهم أنّ المراد هو خصوص الواصل إلى المكلّف وفهمه وعلمه به، لأنـّه لو وصل إليه ولكن لم يلتفت كونه بياناً لحكمٍ، فلا يصدق عليه في صورة العقوبة إنّه عقوبةٌ مع البيان، لأنّ المعرفة غير حاصلة، فبالنظر إلى ذلك المعنى في البيان من الواضح عدم صدقه إلاّ للواصل مع تلك الخصوصيّة.

 


[1] فوائد الاُصول: ج3 / 365.