94/10/05
بسم الله الرحمن الرحیم
وأمّا صورة الجهل المركّب والغفلة واعتقاد الخلاف فهو أيضاً:
تارةً: يفرض الجهل بأصل تشريع العدّة في الإسلام .
واُخرى: يعلم تشريعها ولكن جاهلٌ بمقدارها.
وثالثة: جاهل في انقضائها بعد العلم بالتشريع والمقدار.
ورابعة: يعلم حال تشريع العِدّة ومقدارها في الطلاق والوفاة، إلاّ أنـّه جاهل بكونها عدّة وفاة فقد بقيت وقتها، وزعم أنّها عدّة طلاق وقد انقضت.
وخامسة: كان جاهلاً بأصل كونها معقودة بعد العلم بأحكام العِدّة في كلا قسميها.
هذا كلّه هو محتملات المسألة في عالم الثبوت.
وأمّا الكلام في مرحلة الإثبات والاستظهار من الحديث:
أقول: الذي يختلج بالبال أوّلاً قبل الدقّة في الحديث، كون سؤال السائل عن حكم الزواج مع امرأةٍ تجهل كونها في العِدّة، أي الظاهر من الخبر أنّ البحث عن حكم الجهل بالموضوع، إذ هو الذي كان منشأً لتوهّم عدم حليّة النكاح بعده أبداً، فأراد السائل بسؤاله معرفة أنـّه هل له طريق إلى الحليّة لو وقع ذلك خارجاً أم لا؟ مضافاً إلى قرب احتمال كون حرمة الزواج مع المرأة وهي في العِدّة أمراً مشتهراً بين المسلمين، لما ورد في القرآن من التصريح بذلك، بل ومساعدة الاعتبار عند العقلاء بكونها زوجة للمطلّق في حال العدّة.
ولكن قد يُقال: بأنّ مشاهدة نظائر هذا الحديث قد يؤيّد احتمال كون المراد من الجهالة هو الجهالة في الحكم لا الموضوع، مثل ما ورد في حديث عمران، قال: «سألتُ أبا عبد الله عليهالسلام عن امرأةٍ تزوّجت في عدّتها بجهالة منها بذلك؟
قال: فقال: لا أرى عليها شيئاً، ويفرّق بينها وبين الذي تزوّج بها، ولا تحلّ له أبداً.
قلت: فإن كانت قد عرفت أنّ ذلك محرّمٌ عليها، ثمّ تقدّمت على ذلك؟
فقال: إنْكانت تزوّجته فيعِدّهلزوجها الذيطلّقهاعليهاالرجعة»،الحديث[1] .
وحديث علي بن بشير النبّال، قال: «سألتُ أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلٍ تزوّج امرأةً في عدّتها ولم يعلم، وكانت هي قد علمت أنـّه قد بقي من عدّتها وأنـّه قذفها بعد علمه بذلك ؟
فقال: إن كانت علمت أنّ الذي صنعتْ يَحرمُ عليها، فقَدِمت على ذلك، فإنّ عليها الحدّ حَدّ الزاني، ولا أرى على زوجها حين قذفها شيئاً. وإن فعلت ذلك بجهالةٍ منها، ثمّ قَذَفها بالزنا، ضُرب قاذفها الحَدّ، وفُرّق بينهما»،الحديث[2] .