94/09/24
بسم الله الرحمن الرحیم
البحث عن دلالة حديث المعرفة على البراءة
الخبر الخامس:ومن الأخبار المستدلّ بها للبراءة حديث المعرفة، وهو عنوان قد يطلق على ثلاثة أخبار تشتمل على هذا العنوان، فلا بأس بذكر كلّ واحدة منها، حتّى يشاهد كيفيّة دلالتها على المطلوب:
أحدها: ما هو المذكور في كلام الشيخ رحمهالله في «الفرائد»، وهو حديث عبد الأعلى بن أعين، قال: «سألت أبا عبد الله عليهالسلام: من لم يعرف شيئاً، هل عليه شيء؟ قال: لا»[1] .
وهذا الضبط هو الصحيح دون ما ذكره صاحب « نهاية الأفكار » بقوله: (من لا يعرف).
قال الشيخ رحمهالله: إنّ دلالته منوطة على أن يكون المراد من الشيء الأوّل هو شيءٌ خاص مفروض الوجود في الخارج، مثل حكم شرب التتن، ووجوبالدّعاء عند رؤية الهلال، والمراد من الشيء الثاني هو العقوبة، فيتمّ المطلوب، أي إذا لم يعلم المكلّف حكم شيء خاص لا عقوبة عليه في ارتكابه الحرام، أو في تركه في الواجب، فيصبح الخبر حجّة على البراءة.
وأمّا لو كان المراد من نفي الشيء هو العموم؛ أي لا يعرف شيئاً أصلاً، فيكون دليلاً حينئذٍ على الجاهل القاصر الذي لا يدرك شيئاً، فهو حينئذٍ خارجٌ عمّا استدلّ به.
أقول : والظاهر أنّ الخبر بصدد بيان المعنى الثاني ، لأنّ النكرة الواقعة بعد النفي، خصوصاً مع تصدير أداة لَمْ التي تدلّ على الماضي موجبٌ للدلالة على العموم.
ولكن قال المحقّق العراقي في «نهاية الأفكار» بعد ذِكر ما عرفت:
(اللهمَّ إلاّ أن يمنع اختصاصه بالغافل، بدعوى شموله للجاهل بمجموع الأحكام الملتفت إليها، مع كونه غير قادر على الفحص عنها، لكونه ممّن يصدق عليه أنـّه لا يعرف شيئاً، فإذا استفيد من قوله عليهالسلام في الجواب (لا) نفي العقوبة بنفي منشأها الذي هو وجوب الاحتياط، يتعدّى إلى الجاهل ببعض الأحكام بعد الفحص، لعدم الفصل بينهما)، انتهى كلامه[2] .