درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/08/26

بسم الله الرحمن الرحیم

رأي المحقّق النائيني: ثمّ إنّ سيّدنا الخوئي قدس‌سره نقل عن اُستاذه المحقّق النائيني بيان شمول الحديث للشبهة الحكميّة، بقوله:

(إنّ الشيئيّة تساوق الوجود، فظاهر لفظ (الشيء) هو الموجود الخارجي، وحيث أنّ الموجود الخارجي لا يمكن انقسامه إلى الحلال والحرام، فلا محالة يكون المراد من التقسيم الترديد، فيكون المراد من قوله عليه‌السلام: «فيه حلال وحرام»، هو احتمال الحليّة والحرمة، فيشمل الشبهة الحكميّة أيضاً، لأنّ احتمال الحليّة والحرمة في الموجود الخارجي، كما يمكن أن يكون ناشئاً من عدم العلم بأنّ هذا الشيء من القسم الحلال أو من القسم الحرام، فتكون الشبهة موضوعيّة، كذلك يمكن أن يكون ناشئاً من عدم العلم بحكم نوع هذا الشيء، فتكون الشبهة حكميّة.

فأجاب عنه المحقّق الخوئي: بأنّ لفظ (الشيء) موضوعٌ للمفهوم المُبهم للعام لا للموجود الخارجي، ولذا يستعمل في المعدومات، بل في المستحيلات، فيقال هذا شيءٌ معدوم أو لم يوجد، وهذا شيءٌ مستحيل أو محال. هذا أوّلاً .

وثانياً: إنّه على تقدير التنزّل وتسليم أنّ المراد منه الموجود الخارجي،نلتزم بالاستخدام في الضمير في قوله: «فيه حلال وحرام»، فيكون المراد أنّ كلّ موجودٍ خارجي في نوعه حلالٌ وحرام فهو لك حلال، حتّى تعرف الحرام منه بعينه، والقرينة على هذا الاستخدام، هو نفس التقسيم باعتبار أنّ الموجود الخارجي غير قابل للتقسيم، فلا محالة يكون المراد انقسام نوعه، فتكون الرواية مختصّة بالشبهات الموضوعيّة)، انتهى كلامه[1] .

أقول: والإنصاف أنّ ظهور الرواية من خلال لفظ (الشيء) في الموجود الخارجي ما لا يكاد ينكر، إلاّ أنّ هذا لا يوجب الانحصار لإمكان أن يكون ذلك إشارة إلى كون مركز تقسيم الحكمين هو هذا الشيء لا بوجوده الخارجي الموجود، بل بما أنـّه لانتقال الذهن إلى ما هو محتمل الحكمين والحكم بالحليّة، فلا يكون المقصود الإشارة إلى ا لموجود بما هو موجودٌ حتّى يقال إنّه لا حكم له إلاّ بواحدٍ من الحكمين من الحلّية أو الحرمة، فكيف يفرض فيه القسمين ولا الإشارة إلى الشيء المبهم القابل للانطباق على المعدوم أو المستحيل من دون إشارة إلى الخارج، وإلاّ لصحّ انطباقه على ما لا حكم له بهذين الحكمين، مع أنـّه خلاف الفرض، فعلى هذا يصحّ جعل الشيء بالمعنى الذي ذكرناه مركزاً للحكم بالحليّة سواء كان في الشبهة الموضوعيّة أو الحكميّة.

ولعلّ هذا هو مراد المحقّق النائيني رحمه‌الله وإن كان هذا المنقول مخالفاً لما ذهب إليه في فوائده، فراجع.

وخلاصة ما توصّلنا إليه في حديث الحلّية : هي صحّة جعل هذه الطائفة والمجموعة من الأخبار من أدلّة البراءة في الشُّبهات مطلقاً، سواءً الحكميّة منها أو الموضوعيّة، وسواءً في الشبهة التحريميّة وفي الشُّبهات الوجوبيّة، قد عرفت أنّ المناقشات الجارية حول تحديد شمول هذه الطائفة كانت بعيدة عن الواقع، والله العالم.

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 278.