درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/08/25

بسم الله الرحمن الرحیم

وثانياً: أن يقال أيُّ مانعٍ أن يكون المراد من ذكر الحلال والحرام في الشيء ليس هو كون هذين القسمين بالفعل موجودين وأوجب عروض الاشتباه، بل المقصود بيان أنّ منشأ عروض الاشتباه من حيث الحليّة والحرمة ليس إلاّ وجود الحرام والحلال، يعني لو كان كلّ أفراد ما اشتبه فيه بحكمٍ حراماً أو حلالاً أوجب ذلك الاشتباه والتردّد، فهذا يصدق على مثل شرب التتن المشتبه فيه الحكم، من جهة وجود بعض ما يصدق عليه الحرام في استعماله كالافيون مثلاً ونظائره، ووجود قسمٍ فيه الحلال هو استعمال ما لا يوجب النشاط أصلاً، فيوجب الشكّ في مثل شرب التتن هل هو مندرجٌ تحت القسم الحرام لوجود الإضرار المعتدّ به كالافيون أو هو مندرجٌ تحت القسم الحلال الذي لا ضرر معتدٌّ به فيه، فالشارع يحكم بحليّته حتّى تعرف الحرام منه، أي تعلم أنـّه يكون من القسم الذي يضرّ ضرراً معتدّاً به وهو أمرٌ صحيح.

أقول: وعلى ما ذكرنا يصحّ تصوير الانقسام الفعلي فيه أيضاً مثل ما إذا علمنا بحلّية لحم نوعٍ من الطير كالدرّاج مثلاً، وحرمة نوعٍ آخر منه مثل الغراب، واشتبه في نوع ثالث كالبومة، حيث لا يعلم أنـّه حرامٌ أي يكون من ذلك القسم، أو حلالٌ أي يكون من القسم الحلال، فيحكم بالحليّة حتّى يرد دليلٌ على حرمته.

أجاب عنه المحقّق الخوئي: بأنّ هذا الاستدلال فاسد؛ (لأنّ الظاهر من قوله: «فيه حلال وحرام»، أنّ منشأ الشكّ في الحليّة والحرمة هو نفس انقسام الشيء إلى الحلال والحرام، وهذا لا ينطبق على الشبهة الحكميّة، فإنّ الشكّ في حليّة قبض أنواع الطير في مفروض المثال، ليس ناشئاً من انقسام الطير إلى الحلال والحرام، بل هذا النوع مشكوكٌ فيه من حيث الحليّة والحرمة، ولو على تقدير حرمة جميع بقيّة الأنواع أو حليّتها.

وهذا بخلاف الشبهة الموضوعيّة، فإنّ الشكّ في حليّة مايع موجود في الخارج ناشئ من انقسام المائع إلى الحلال والحرام، إذ لو كان المائع بجميع أقسامه حلالاً أو بجميع أقسامه حراماً لما شككنا في هذا المائع الموجود في الخارج من حيث الحليّة والحرمة، فحيث كان المائع منقسماً إلى قسمين، قسمٌ منه حلال كالخلّ وقسم منه حرام كالخمر، فشككنا في حليّة هذا المائع الموجود في الخارج لاحتمال أن يكون خلاًّ، فيكون من القسم الحلال وأن يكون خمراً، فيكون من القسم الحرام)، انتهى كلامه[1] .

أقول: ولكن قد عرفت ما يمكن به الجواب عنه رحمه‌الله، لما قد علمت بأنّ أنواع الطير لو كان تمام أفرادها وأقسامها حراماً أو حلالاً لما تحقّق الشكّ في فردٍ منه، هذا بخلاف ما لو كان بعض أنواعه حلالاً وبعضها حراماً، فيشكّ في الثالث منها، وهكذا يكون في شرب التتن حيث يكون مشكوكاً من حيث إنّه لا يعلم كونه من المشروبات المحلّلة أو المحرّمة فيحكم بحليّته.

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 276.