درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/08/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

البحث عن سعة شمول حديث الرفع

الأمر السادس: ويدور البحث فيه عن أنّ البراءة الشرعيّة الثابتة بحديث الرفع، هل هي مختصّة بالتكاليف الإلزاميّة كما كانت البراءة العقليّة كذلك، أي لا تجري البراءة العقليّة إلاّ إذا كانت موارد الشكّ في التكاليف الإلزاميّة، لأنّ ملاكها ليس إلاّ قبح العقاب بلا بيان، والتكليف غير الإلزامي ممّا لا عقاب فيه، حتّى في مقطوعه فضلاً عن مشكوكه، فلا مجال لجريان البراءة فيها.

وأمّا البراءة الشرعيّة ففي اختصاصها بالإلزاميّة وعدمه خلافٌ بينهم:

قال صاحب «مصباح الاُصول»: (والتحقيق أن يفصّل بين موارد الشكّ في التكاليف الاستقلاليّة، وموارد الشكّ في التكاليف الضمنيّة، ويلزم بجريانها في الثانية دون الاُولى .

والوجه في ذلك: أنّ المراد من الرفع في الحديث الشريف، هو الرفع في مرحلة الظاهر عند الجهل بالواقع، ومن لوازم رفع الحكم في مرحلة الظاهر، عدم وجوب الاحتياط، لتضادّ الأحكام ولو في مرحلة الظاهر، على ما تقدّم بيانه.

وهذا المعنى غير متحقّق في موارد الشكّ في التكاليف الاستقلاليّة، إذ لو شككنا في استحباب شيء، لا إشكال في استحباب الاحتياط، فانكشف أنّ التكليف المحتَمل غير مرفوعٍ في مرحلة الظاهر، فلا يكون مشمولاً لحديث الرفع.

وأمّا التكاليف الضمنيّة فالأمر بالاحتياط عند الشكّ فيها وإن كان ثابتاً، فيستحبّ الاحتياط بإتيان ما يُحتمل كونه جزء المستحبّ، إلاّ أنّ اشتراط هذا المستحبّ به مجهول، فلا مانع من الرجوع إلى حديث الرفع والحكم بعدم الاشتراط في مقام الظاهر.

وبعبارة اُخرى: الوجوب التكليفي وإن لم يكن محتملاً في المقام، إلاّ أنّ الوجوب الشرطي المترتّب عليه عدم جواز الإتيان بالفاقد للشرط بداعي الأمر مشكوك فيه، فصحّ رفعه ظاهراً بحديث الرفع)، انتهى كلامه[1] .

أقول: ولا يخفى بأنّ ما ذكره من التفصيل إنّما يصحّ فيما إذا لم نقل بكون المراد من الرفع في حديث الرفع هو رفع المؤاخذة، كما احتمله الشيخ رحمه‌الله، وإلاّ كان حكمه مثل حكم البراءة العقليّة في المستحبّات، إذ لا عقاب في تركها في المقطوع منها فضلاً عن مشكوكاتها.

ثمّ على فرض كون المرفوع جميع الآثار، يمكن أن يقال بجريان حديث الرفع في جميع المستحبّات أيضاً، حتّى في الاستقلاليّة منها،فضلاً عن المستحبّات الضمنيّة، بتقريب أن يقال :

إنّ حديث الرفع إذا تعلّق بنفس النسيان في ما إذا نسي الجزء أو الشرط أو غيرهما، فيما إذا لم يكن جزءاً أو شرطاً مرتبطاً بل كان المنسيّ مثل القنوت في الواجب، فإنّ جريان الحديث يعني أنّ فقدان ذلك المنسيّ بمنزلة الموجود منه، وعليه فلا مانع من شموله.

إلاّ أن يقال: ـ كما قاله المحقّق الخميني ـ بأنّ الإشكال إنّما يكون من جهة اُخرى، الجاري في الضمنيّة أيضاً، وهو أنّ من شرائط جريان حديث الرفع، كون الرفع في متعلّقه امتناناً للمكلّف، ولا امتنان في رفع المستحبّ، لعدم تكليفٍ فيه حتّى يكون رفعه امتناناً .

ولكن يمكن أن يُجاب عنه: بأنّ الامتنان في كلّ مورد يكون بحسب حال المورد، حيث إنّ المستحبّ يكون امتنانه في وقوع المستحبّ الذي نسي الفاعل جزءاً منه أو شرطه، أو أمراً لم يكن مرتبطاً بأجزائه الاُخر، فلازم جريان حديث الرفع فيه فرض قيامه بأداء المستحبّ مع ما له من الأجزاء والشرائط، أو بما له من ما يستحبّ إتيانه فيه، ولو لم يكن حقيقةً جزءاً منه، بل فعله رجاءً، نظير الامتنان في حديث من بلغ في باب التسامح في أدلّة السنن، فالقول بجريان حديث الرفع في المستحبّات بتركها أو المكروهات بفعلها مطلقاً ممّا لا محذور فيه لو قلنا فيه برفع جميع الآثار. وجريانه يفيد أنـّه لو نسى القنوت في الصلاة، وكان من قصده الإتيان، اُعطي ثوابه مثل ثواب من أتى به، وإن كان استحبابه مستقلاًّ غير مرتبط بسائر الأجزاء، إلاّ أنّ ظرفه كان فيها .

 


[1] مصباح الاُصول: ج2 / 270.