94/07/14
بسم الله الرحمن الرحیم
البحث عن جريان حديث الرفع في المسبّبات وعدمه
وأمّا الكلام في المسبّبات:
أقول: يدورالبحثفيالمقامعنإمكانجريانحديثالرفعفيالمسبّباتوعدمه:
قال المحقّق النائيني: إنّ المسبّبات على قسمين:
تارةً: يعدّ السبب من الاُمور الاعتباريّة التي ليس لها ما بحذاء في وعاء العين، بل هي مجرّد أمرٌ اعتباري كالملكيّة والزوجيّة.
والحقّ عنده أنّ هذا القسم من الأحكام الوضعيّة يستقلّ بالجعل، وليس منتزعاً من التكليفيّة، فلو أمكن شمول الحديث له ليشمله ويرفعه فإنّه يرفعه لا بلحاظ الآثار، بل بلحاظ نفس المسبّب، لكن فحوى الحديث مشكلٌ، لإشكال وقوع الإكراه على المسبّب، إذ الإكراه يتعلّق على الأسباب.
واُخرى: يعدّ السبب من الاُمور الواقعيّة التي كشف عنها الشارع كالطهارة والنجاسة، فهو ممّا لا تناله يد الرفع والوضع التشريعي، لأنـّه من الاُمور التكوينيّة، فمتى تحقّقت ووجدت لا تقبل الرفع، بل يصحّ رفعها بلحاظ رفع آثارها.
ثمّ قال رحمهالله: (ولا يتوهّم أنّ لازم ذلك عدم وجوب الغُسل على من أُكره على الجنابة، أو عدم وجوب التطهير على من اُكره على النجاسة، بدعوى أنّ الجنابة المكرَه عليها وإن لم تقبل الرفع التشريعي، إلاّ أنّها باعتبار ما لها من الآثار وهو الغسل قابلة للرفع، فإنّ الغُسل والتطهير أمران وجوديّان قد أمر الشارع بهما عقيب تحقّق عنواني الجنابة والنجاسة مطلقاً، من غير فرق بين الجنابة والنجاسة الاختياريّة وغيرها، فتأمّل). انتهى كلامه[1] .
أقول: ويرد على كلامه :
أوّلاً: بعدم الفرق في المسبّبات من حيث قابليّها للرفع وعدمها بين القسمين، لأنّ رفع التشريعي يتعلّق بالاُمور التكوينيّة كرفع الخطأ والنسيان والضرر، وغيرها من العناوين، كما قد مضى تحقيقه تفصيلاً.
فالعمدة في الإشكال في كلا القسمين، هو عدم إمكان تعلّق الإكراه والاضطرار على المسبّبات إلاّ بأسبابها، وتعلّقه بالأسباب قد عرفت حاله، فلا وجه للإعادة.
وثانياً: بما ذكره أخيراً من التوهّم بأنّ لازم شمول الحديث لرفع الآثار، هو عدم وجوب الغُسل على من أُكره على الجنابة، أو عدم وجوب التطهير على من اُكره على النجاسة، ثمّ سكت رحمهالله عن الجواب عن هذا التوهّم.
أمّا المحقّق الخميني فقد اعتبر قوله رحمهالله: (بدعوى... إلى آخره) هو الجواب.
وأمّا المحقّق العراقي اعتبر قوله رحمهالله: (بدعوى...) بياناً للتوهّم وأنّ الجواب غير مذكور حيث يقول: (ما أدري جواب التوهّم السابق أين صار، وكون جملة: بدعوى، جواباً يكون غلطاً).
أقول: لكن الظاهر أنـّه أراد الجواب بهذه الجملة، وناقشه المحقّق الخميني بأنّ نتيجة إطلاق الأدلّة هو شموله لكلا حالي الاختيار والاضطرار، إلاّ أنّ حكومة الحديث يُخرج الأخير، فصرف كون الغُسل والتطهير أمران وجوديّان لا يرفع الإشكال، كما لا يرفع بكون الجنابة مطلقاً اختياريّة أو غيرها سبباً لوجوبالغُسل.
ثمّ دخل في مناقشات اُخرى سنتعرّض له إن شاء الله تعالى.
ولكن الظاهر أنـّه أراد بيان ما ذكرناه قبل ذلك، وهو أنّ حكومة حديث الرفع على الإطلاقات الأوّليّة إنّما تكون ما دام لم يقم دليل بالخصوص على إثبات الوجوب حتّى في حال الاضطرار والإكراه وإلاّ لا يشمله الحديث.