درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/07/13

بسم الله الرحمن الرحیم

وثالثاً: ما ذكره بأنّ وجوب الإعادة والقضاء ليس بأثر شرعي، بل يكون أثراً عقليّاً والأمر إليه إرشادي، لا يخلو عن إشكال:

لأنـّه لو سلّمنا ذلك بالنسبة إلى الإعادة في الوقت، لكونه إخباراً عن فساد المأتي به لا حكماً تكليفيّاً آخر، لكنّه لا يجري ذلك بالنسبة إلى القضاء إن قلنا بكونه بأمرٍ جديد ـ كما عليه بعض ـ لا إبقاء الأمر الأوّل، حتّى يكون إرشاديّاً.

وكيف كان، نحن في غنى عن البحث فيه بما قد عرفت من الطريق الذي سلكناه فيه .

أمّا الإكراه وهو الإكراه بإيجاد الجزء أو الشرط مع عدم‌كون‌الشخص‌مُقْدِماًعليه:

ففي مثله لا يمكن شمول الحديث له، لكونه مستلزماً أمراً مخالفاً للامتنان؛ لأنّ المفروض فقدان طيب الخاطر والرّضا للمكرَه بالمعاملة، وإتيان جزء السبب أو شرطه، حيث أُكره عليه، فحكم الشارع بصحّة بيعه على رغم ميله يعدّ مخالفاً للامتنان كما لا يخفى.

وبالجملة: ظهر من جميع ما ذكرنا أنّ الإكراه في الأسباب على ثلاثة :

1 ـ قسمٌ لا يجري فيه الحديث لعدم وجود محلّ له كالقسم الأوّل.

2 ـ وقسمٌ لا يجري الحديث فيه لكونه مخالفاً للامتنان كالقسم الثالث.

3 ـ وقسمٌ يجري فيه الحديث ويرتفع به حكمه، وهو كالقسم الثاني.

هذا كلّه في الإكراه والنسيان.

***

حكم الاضطرار المتعلّق بالأسباب

حكم الاضطرار المتعلّق بالأسباب

وأمّا الاضطرار المتعلّق بالأسباب: فقد صرّح المحقّق الخميني بأنـّه مثل الإكراه حرفاً بحرف، فقال ما حاصله أنـّه :

لو تعلّق بما له حكمٌ تكليفي أي بإتيان حرام نفسي أو ترك واجب، فلا إشكال في ارتفاع الحرمة بالاضطرار، أي حرمة فعله في الحرام، ومبغوضيّة تركه في الواجب، بناءً على الملازمة العرفيّة بين الأمر بالشيء ومبغوضيّة تركه.

وإن تعلّق بإيجاد مانعٍ في أثناء المعاملة أو العبادة، فلا إشكال في صحّة العمل برفع المانعيّة في ذلك الطرف، كما مرَّ بيانه في النسيان والإكراه.

وإن تعلّق بترك جزءٍ أو شرطٍ، فلا يمكن تصحيح العمل به حسب ما أوضحناه في الإكراه، فلا نعيده)، انتهى كلامه [1] .

أقول: ما ذكره رحمه‌الله من أنّ الاضطرار حكمه الإكراه متينٌ بمقتضى ما ذكرناه من الأقسام الثلاثة، وعدم جريان الحديث في القسمين منها، وجريانه في القسم الثاني وهو ترك الجزء أو الشرط.

وأمّا ما ذكره رحمه‌الله بإيجاد حرامٍ أو ترك واجب فهو خارجٌ عن الفرض، لأنّ بحثنا كان في الأحكام الوضعيّة دون التكليفيّة التي حقّقناها قبل ذلك كما لا يخفى.

خلاصة الكلام: ظهر ممّا ذكرناه سابقاً أنّ الحكم بجريان حديث الرفع في بعض الأقسام من الثلاثة، إنّما يصحّ إذا لم يرد من ناحية الشارع بدليلٍ مستقلّ الحكم بالبطلان بترك الجزء أو الشرط، أو بوجود المانع، حتّى مع الاضطرار والإكراه، كما لا يبعد أن يكون في بعض الموارد كذلك، فحينئذٍ لا يجري فيه الحديث، لأنـّه يدخل في كون الدليل الوارد مقدّماً على حديث الرفع، لأنـّه ورد على موضع نفس النسيان والإكراه والاضطرار.

وأيضاً ظهر ممّا ذكرنا الفرق بين النسيان وبين غيره من الإكراه والإضطرار، حيث إنّ مورد الأوّل يكون :

تارةً: في نسيان الموضوع، مثل ترك الجزء أو الشرط نسياناً.

واُخرى: يكون من جهة ترك الحكم، أي الجزئيّة والشرطيّة، وإن أدّى ذلك إلى ترك الجزء والشرط أيضاً، إلاّ أنّ منشأه هو ما عرفت.

هذا بخلاف الإكراه والإضطرار، حيث لا يتعلّقان إلاّ بالموضوع فقط، كما لا يخفى؛ لأنّ الحكم ليس شيئاً يتعلّق به مثل الإكراه والاضطرار إلاّ بواسطة متعلّقه.

هذا تمام الكلام في الأسباب.

 


[1] تهذيب الاُصول: ج2 / 233.