94/07/11
بسم الله الرحمن الرحیم
أقول: بقي هنا إشكالٌ آخر قد يستفاد من كلام المحقّق العراقي، وهو:
إنّ الحكم بصحّة العقد والمعاملة المجرّدة عن الشرط خلاف المنّة، لأنّ فيه تكليف للمكلّف بوجوب الوفاء بالعقد، فهو ليس بامتنان.
لكنّه مندفعٌ: بأنّ أصل العقد إذا أقدم عليه المتعاملان عن قصدٍ وتوجّهٍ، مع التراضي، فأوقعاه برغم صحّته، ثمّ بانَ الخلاف من جهة فقدان الشرط وهو العربيّة بعد مدّة مديدة، وقد استفاد كلّ واحدٍ منهما من هذه المعاملة بامتلاك الأموال أو النكاح مع المرأة وإنجاب الأولاد منها بظنّ تماميّة العقد، فلو انكشف الخلاف لاحقاً ممّا قد يؤثّر على حياة المتعاملين، فإنّه في هذه الحالة أيّ منّةٍ أعظم من الحكم بصحّة العقد حتّى لا ينقطع حبل المعيشة ونشاط عيشه.
وعليه، فهذا الإشكال والتوهّم غير جارٍ في المقام قطعاً، كما لا يخفى، فإيجاب الوفاء بالعقد وإن كان تكليفاً عليهما، إلاّ أنـّه تكليفٌ قد أقدما عليه مع التراضي وطيب نفسهما، بل الحكم بالبطلان يكون خلافاً للامتنان.
ومثل هذا الكلام يجري في ناحية المانع، إذا أوجده نسياناً، مع تحقّق أصل العقد عرفاً، فشمول الحديث لذلك واضحٌ ولا يوجب الإشكال .
***
البحث عن حكم الإكراه في الأسباب
البحث عن حكم الإكراه في الأسباب
وأمّا الإكراه المتعلّق بالأسباب: وهو أيضاً :
تارةً: يتعلّق بترك ما يوجب عدم إيجاد أصل العقد في الخارج، مثل أن يكره الإنسان على ترك الإيجاب أو القبول، حيث إنّ العقد يكون قوامه متوقّفاً على تحقيق هذين الركنين، فإنّ الإكراه على مثله يكون كالإكراه على ترك أصل إيجاد العقد برأسه، حيث لا معنى لبيان شمول الحديث وعدمه؛ لأنّ جريانه يحتاج إلى موردٍ ومحلّ حتّى يقع منشأً للأثر، فإذا لم يتحقّق العقد من رأسه، فلا معنى للحكم بصحّته وفساده.
واُخرى: يتعلّق الإكراه على ترك جزءٍ لم يكن حاله بالنسبة إلى أصل العقد كذلك، أي لايكون دخيلاً في قوامه، أو أُكره على ترك شرطٍ كذلك، أو تعلّقالإكراه بإيجاد مانعٍ في العقد إذا لم يضرّ بوجوه في صدق مسمّاه، مثل ما لو أوجب الفصل الطويل بين الإيجاب والقبول، وقلنا بكونه مانعاً عن صحّة العقد، أو غير ذلك ما لو فرض كون حاله كذلك .
قال المحقّق الخميني قدسسره: كما يظهر من كلامه، أنّ الحقّ هو القول بالتفصيل في هذا القسم من الإكراه بين ترك الشرط والجزء، وبين الإكراه بإيجاد المانع في العقد، بعدما كان مختاره في السابق جريان الحديث في الثلاثة، فذهب إلى عدم جريان الحديث في الإكراه بترك الجزء أو الشرط وجريانه في المانع، وقال في توجيه التفصيل :