94/07/08
بسم الله الرحمن الرحیم
وحينئذٍ ليس وجه عدم جريانهم مثل حديث الرفع بجميع فقراته في أبواب المعاملات، حتّى في فرض الاضطرار بإيجاد المانع الغير الجاري فيه هذا التقريب باعترافه، بل عمدة الوجه في أنّ قضيّة نفي الشرطيّة أو غيره في المعاملة، إيجابُ الوفاء بالفاقد، وهو خلاف الإمتنان في حقّ المكلّف، ولذا نفرّق بين شرائط الوجوب وشرائط الواجب، وأنّ الحدث مختصّ بالثاني دون الأوّل، لما عرفت من أنّ لازم نفي شرط الوجوب إثبات الوجوب على المكلّف على خلاف امتنانه، كما لا يخفى، فتدبّر) انتهى كلامه[1] .
أقول: ولكن الحقّ هو ما عرفت منّا سابقاً من شمول الحديث للتروك كما أنـّه يشمل الأفعال، وعرفت أنّ إسناد الرفع يكون إلى نفس الحالة النفسانيّة ادّعاءً، وهو أمرٌ وجودي قابلٌ لتعلّق الرفع به ، غاية الأمر لابدّ أن يكون الرفع بلحاظ آثاره الشرعيّة بجميعها وأهمّها.
وبذلك يظهر الجواب عن المحقّق النائيني بحسب المبنى.
ولكن ليس الأمر على حسب مختارنا في الأفعال والتروك، هو القول بشمول حديث الرفع في النسيان والإكراه والاضطرار في باب المعاملات مطلقاً، بل لابدّ من تفصيلٍ نذكره حين التعرّض لكلّ واحدٍ من الثلاثة مستقلاًّ إذا تعلّقت بالأسباب كما هو مفروض البحث في باب المعاملات.
***
حكم النسيان المتعلّق بالأسباب
حكم النسيان المتعلّق بالأسباب
أمّا النسيان المتعلّق بالأسباب : فالأقوى عندنا فيه التفصيل أيضاً ، لأنّ المنسيّ:
1 ـ إن كان من قبيل ما هو دخيلٌ في تحقّق العقد ووجوده، بحيث لو لم يأت بذلك لما يتحقّق العقد عرفاً عند العقلاء، كما لو نسى الإيجاب أو القبول أو كليهما، فلا معنى لجريان حديث الرفع هنا، لعدم تحقّق العقد حينئذٍ من أصله، فلا معنى حينئذٍ ادّعاء رفع النسيان، لأنّ ادّعاء مثل ذلك ليس إلاّ لتصحيح العقد، وهو فرع وجوده، فإذا لم يتحقّق أصلاً، فلا مورد لبيان أثره وحكمه من الصحّة والفساد، فإطلاق الفساد والبطلان على مثله يكون نحواً من التسامح، كما لا يخفى .
2 ـ وأمّا إن كان المنسيّ من الأجزاء الذي لم يكن دخيلاً في قوام صدق العقد، أو كان المنسيّ من الشرائط الذي لا يضرّ فقدانه بمسمّى العقد، بل إن كان مضرّاً وكان إضراره بأوصافه من الصحّة والفساد، مثل ما لو نسي شرطاً من شرائطه الشرعيّة كالعربيّة، أو تقدّم الإيجاب على القبول ـ إن قلنا بشرطيّته ـ فحينئذٍ لا إشكال في شمول الحديث لمثله، لتحقّق موضوع نفس العقد في نظر العرف، غير أنـّه فاقد للشرط الشرعي، فلازم حكومة حديث الرفع على الأدلّة المتكفّلة للشرائط، هو رفع شرطيّة العربيّة في حال النسيان، وهكذا شرطيّة تقدّم الإيجاب على القبول .
والنسيان وإن تعلّق بإيجاد الشرط، إلاّ أنّ نفي رفع الشرط المنسيّ هو رفع شرطيّته في هذا الحال، والاكتفاء بالمجرّد منه، فإنّ الرفع فيما إذا كان العقد فارسيّاً يكون بالنسبة إلى المنسيّ وهو العربيّة، لا بالنسبة إلى نفس العقد الفارسي، كما وقع في كلام المحقّق المزبور، فمعنى رفع العربيّة ليس إلاّ معنى رفع شرطيّته في النسيان، ورفع الشرطيّة يكون على القول بكون ما وقع سبباً تامّاً لتحقّق المسبّب، وصحّة المعاملة، وهو المطلوب.