درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/07/05

بسم الله الرحمن الرحیم

وأمّا ما أفاده قدس‌سره: من عدم معهوديّة التمسّك بحديث الرفع في كلمات القوم؛ فهو غير قابل للقبول، لأنـّه يكفي في المنع تمسّك السيّدين علم الهدى وابن زُهرة بهذا الحديث في الناسي إذا تكلّم في الصلاة، كما صرّح بذلك السيّد في «الناصريّات» بقوله:

(دليلنا على أنّ كلام الناسي لا يُبطل الصلاة بعد الإجماع المتقدّم، ما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: رُفع عن اُمّتي النسيان وما استكرهوا عليه).

ولم يقصد بذلك رفع الفعل لأنّ ذلك لا يُرفع، وإنّما أراد رفع الحكم، وذلك عامٌ في جميع الأحكام إلاّ ما قام عليه دليل.

ويقرب منه كلام ابن زُهرة، وتبعهما العلاّمة والأردبيلي في مواضع، وكذا نقل الشيخ الأعظم في مسألة ترك غسل موضع النجو عن المحقّق في «المعتبر» أنـّه تمسّك بالحديث لنفي الإعادة في مسألة ناسي النجاسة، وقد تمسّك الشيخ الأعظم وغيره في مواضع بحديث الرفع لتصحيح الصلاة فراجع.

ولا فرق فيما ذكرنا بين كون النسيان مستوعباً لتمام الوقت، أو لم يكن كذلك، لما قد عرفت من سقوط الأمر بالامتثال.

وأيضاً: ظهر ممّا ذكرنا أنّ مقتضى جريان حديث الرفع في نسيان الأجزاء أو الشرائط أو الموانع، هو الحكم بعدم وجوب الإعادة من جهة تحقّق حكومة حديث الرفع، إذا لوحظ مع الأدلّة الأوّليّة، فلازمه هو كون المأمور به في حال النسيان هو المأتي به في الخارج بدون المنسيّ من سائر الأجزاء والشرائط، بلا فرق في ذلك بين كون المنسيّ ركناً أو غيره، ولا من كون الشرط من الشرائط الواقعيّة أو الظاهريّة والذُكريّة، إلاّ أن يقوم دليلٌ بالخصوص على خلاف ذلك في حال النسيان، بأن يقوم حكمٌ على أنّ نسيان بعض الأجزاء أو الشرائط يستلزم وجوب الإعادة، فحينئذٍ لا يمكن شمول الحديث لمثله.

كما لا فرق في الحكم بعدم وجوب الإعادة بين حال بقاء النسيان دائماً، أو خروجه عنه بعد العمل، كما لا فرق بين كون النسيان مستوعباً لجميع الوقت أم لا .

أقول: إنّ استيعاب ما ذكرناه من الأدلّة وقبولها يوفّر القدرة على ردّ ما استدلّ به المحقّق العراقي في عدم جواز التمسّك بحديث الرفع هنا، فلا بأس بذكر كلامه بدواً، ثمّ مناقشته، فإنّه ما ذكر حال حديث الرفع بالنسبة إلى الجهل، قال:

(ثمّ إنّه بما ذكرنا يظهر الحال في نسيان الجزء والشرط والمانع، حيث إنّ مقتضى رفع النسيان في هذه الاُمور، إنّما هو رفع التكليف الفعلي عن الجزء والشرط المنسيّين، ويلزمه بمقتضى الارتباطيّة سقوط التكليف عن البقيّة أيضاً ما دام النسيان، وبذلك يظهر أنـّه لا مجال للتمسّك بهذا الحديث لإثبات إجزاء المأتي به في حال النسيان.

بتقريب: أنـّه بعد التزام العقل في حال النسيان بإتيان البقيّة، يُستكشف من رفع جزئيّة المنسيّ أو شرطيّته عن رفع وجوب الإعادة، إذ نقول إنّه كذلك إذا كان نظر الحديث إلى رفع جزئيّة المنسيّ مطلقاً حتّى بعد التذكّر والالتفات، الملازم لتحديد دائرة الطبيعة المأمور بها حال النسيان بما عدا الجزء المنسيّ، وإلاّ فبناءً على ما هو الظاهر منه من كونه ناظراً إلى رفع المنسيّ ما دام النسيان، بلا نظرٍ منه إلى تحديد دائرة المأمور به، وإثبات كونه في حال النسيان هو ما عدا الجزء المنسيّ، فلا يتمّ ذلك، لأنّ غاية ما يقتضيه حينئذٍ إنّما هو إبقاء الأمر والتكليف ما دام النسيان، وأمّا بعده فالمصلحة الداعية إلى الأمر بالمركّب أوّلاً لمّا بقيت غير مستوفاة تقتضي إحداث التكليف بالإعادة بعد الالتفات.

نعم، لو أغمض عن هذه الجهة لا يتوجّه عليه الإشكال... إلى آخر كلامه)، انتهى محلّ الحاجة[1] .

أقول: وفيه ما لا يخفى بعد الإحاطة بما بيّناه، إذ يفهم أنّ مقتضى حكومة دليل حديث الرفع على الأدلّة الأوّليّة، هو اختصاص التكليف المأمور به إلى ما هو المأتي به، لا بصورة حال النسيان، لوضوح أنـّه ليس في حديث الرفع عنوانٌ يستفاد منه ذلك بأن يكون الرفع بصورة كونه ما دام بقاء النسيان، كما كان الأمر في كلّ الفقرات كذلك، إلاّ أن يقوم دليلٌ من الخارج يدلّ على كون الرفع ماداميٌّ، أو يدلّ على لزوم الإعادة حتّى في حال النسيان أو الخطأ والجهل، حيث قد عرفت حينئذٍ عدم شمول الحديث لمثل هذه الآثار والأحكام المترتّبة على عنوان النسيان وغيره.

أمّا المحقّق النائيني: فإنّه بعدما ذكر نسيان مثل الأجزاء والشرائط في مثل الصلاة، وفرّق بين الشرائط والأجزاء وبين الموانع، قال :

(هذا كلّه في الأحكام التكليفيّة،وأمّا الأحكام الوضعيّة كالعقود والإيقاعات والطهارة والنجاسة، فالكلام فيها :

تارةً: يقع في الأسباب من الإيجاب والقبول مثلاً.

واُخرى: في المسبّبات.

وثالثة: في الآثار والأحكام المترتّبة على المسبّبات.

أمّا الأسباب: فمجمل الكلام فيها هو أنّ وقوع النسيان والإكراه أو الاضطرار في ناحية الأسباب، لا تقتضي تأثيرها في المسبّب، ولا تندرج في حديث الرفع، لما تقدّم في باب الأجزاء والشرائط من أنّ حديث الرفع لا يتكفّل تنزيل الفاقد منزلة الواجد، ولا يثبت أمراً لم يكن، فلو اضطرّ إلى إيقاع العقد بالفارسيّة، أو اُكره عليه، أو نسى العربيّة كان العقد باطلاً، بناءً على اشتراط العربيّة في العقد، فإنّ رفع العقد الفارسي لا يقتضي وقوع العقد العربي، وليس للعقد الفارسي أثرٌ يصحّ رفعه بلحاظ رفع أثره، وشرطيّة العربيّة ليست هي المنسيّة حتّى يكون الرفع بلحاظ رفع الشرطيّة)، انتهى محلّ الحاجة.

 


[1] نهاية الأفكار: ج3 / 218.