درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

أقول: ومن ذلك يظهر فساد ما قيل من إنّ المرفوع في حال النسيان إنّما هو جزئيّة المنسيّ للمركّب، وما أشكل عليه من أنّ الجزئيّة لا تقبل الجعل، فلا تقبل الرفع، وما اُجيب عن ذلك من أنّ الجزئيّة مجعولة بتبع جعل منشأ انتزاعها، فتقبل الرفع برفع منشأ الانتزاع.

فإنّ ذلك كلّه خروجٌ عن مفروض الكلام، ولا ربط له بالمقام؛ لأنّ جزئيّة الجزء لم تكن منسيّة، وإلاّ كان ذلك من نسيان الحكم، ومحلّ الكلام إنّما هو نسيان الموضوع ونسيان قراءة السورة مثلاً، فلم يتعلّق النسيان بالجزئيّة حتّى تشكل بأنّ الجزئيّة غير مجعولة، فيُجاب بأنّها مجعولة بجعل منشأ الانتزاع.

والحاصل: أنّ الإشكال في شمول حديث الرفع للجزء المنسيّ، ليس من جهة عدم قابليّة الجزء للرفع الشرعي، إذ لا إشكال في أنـّه عند الشكّ في جزئيّة شيء للمركّب أو شرطيّته تجري فيه البراءة الشرعيّة، ويندرج في قوله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «رفع ما لا يعلمون»، بل الإشكال إنّما هو من جهة أنـّه عند ترك الجزء نسياناً مع العلم والالتفات بجزئيّته، ليس في البين ما يرد الرفع الشرعي عليه من حيث الموضوع والأثر، فلا يمكن تصحيح العبادة الفاقدة للجزء أو الشرط بمثل حديث الرفع، بل لابدّ من التماس دليلٍ آخر على الصحّة، وهو في الصلاة قوله عليه‌السلام: «لا تُعاد الصلاة إلاّ عن خمس».

إلى أن قال رحمه‌الله: تفصيلاً بين كون المنسيّ ركناً بالإبطال إن دخل في ركن آخر، وإلاّ فلا.

ثمّ قال رحمه‌الله: ولو كان المدرك في صحّة الصلاة الفاقدة للجزء أو الشرط نسياناً حديث الرفع، كان اللاّزم صحّة الصلاة بمجرّد نسيان الجزء أو الشرط مطلقاً، من غير فرقٍ بين الأركان وغيرها، فإنّه لا يمكن استفادة التفصيل من حديث الرفع، ويؤيّد ذلك أنـّه لم يعهد من الفقهاء التمسّك بحديث الرفع لصحّة الصلاة وغيرها من سائر المركّبات.

هذا إذا كان النسيان مستوعباً لتمام الوقت المضروب للمركّب.

وأمّا في النسيان الغير المستوعب: فالأمر فيه أوضح، فإنّه لا يصدق نسيان المأمور به عند نسيان الجزء في جزءٍ من الوقت مع التذكّر في بقيّة الوقت، لأنّ المأمور به هو الفرد الكلّي الواجد لجميع الأجزاء والشرائط، ولو في جزءٍ من الوقت الذي يسع فعل المأمور به، فمع التذكّر في أثناء الوقت، يجبُ الإتيان بالمأمور به، لبقاء وقته ـ لو كان المَدرك حديث الرفع ـ لأنّ المأتي به الفاقد للجزء أو الشرط لا ينطبق على المأمور به، فلولا حديث لا تعاد كان اللاّزم إعادة الصلاة الفاقدة للجزء نسياناً مع التذكّر في أثناء الوقت.

فتحصّل ممّا ذكرنا: أنـّه في كلّ ما مسّت الحاجة إلى تنزيل الفاقد منزلة الواجد، لابدّ من التماس دليلٍ آخر غير حديث الرفع، كما أنـّه في كلّ مورد مسّت الحاجة إلى تنزيل الواجد منزلة الفاقد، يتمسّك لذلك بحديث الرفع.

ومن هنا يمكن أن يفرّق بين الأجزاء والشرائط والموانع، وأنـّه في صورة إيجاد المانع نسياناً يصحّ التمسّك بحديث الرفع، إذا كان النسيان مستوعباً لتمام الوقت،فتأمّل جيّداً.هذا كلّه فيالأحكام‌التكليفيّة)،انتهى_'feمحلّ الحاجة من‌كلامه[1] .

 


[1] فوائد الاُصول: ج3 / 353.