درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

94/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

3 ـ وقد يكون الأثر من الآثار التي يقتضي رفعه منّة، مثل ما لو نذر أن لا يُكرم زيداً أو أن لا يشرب ماء دجلة، فأُكره أو اضطرّ إليه، فإنّ حديث الرفع يشمله ويحكم بأنـّه لا أثر في حنث نذره بالإكرام، ولا كفّارة عليه، لصدوره عن إكراه واضطرار، وفي رفعه يكون منّة.

وكلّ هذا ممّا لا إشكال فيه ولا كلام، لكون تعلّق الإكراه والاضطرار وغيرهما هو فعلٍ من الأفعال، فشمول حديث الرفع إذا لم يكن رفعه خلاف الامتنان جائزٌ قطعاً.

وقد يكون متعلّق الإكراه أو الاضطرار أو النسيان تركاً من التروك، وهو مثل ما لو نذر أن يشرب ماءً خاصّاً كالفرات أو زمزم، فأُكره أو اضطرّ إلى تركه أو نسي أن يقوم بهما، فلا إشكال حينئذٍ أنـّه لو كان هذا الترك صَدَر عنه بالاختيار والالتفات لصدق الحنث، وتعلّقت الكفّارة، ولكن الحال قد تحقّق الترك بأحد العناوين المذكورة، فهل يشمله حديث الرفع أم لا؟ فيه وجهان، بل قولان:

قولٌ بعدم الشمول، وهذا هو الذي ذهب إليه المحقّق النائيني رحمه‌الله كما أشرنا إليه في الأمر الرابع، مستدلاًّ له بأنّ مرجع رفع الترك إلى الوضع وتنزيل المعدوم منزلة الموجود وهو وضعٌ لا رفع، فلا يشمله .

ثمّ فرّع على ذلك كما في فوائده :

أوّلاً: بعدم إمكان تصحيح العبادة الفاقدة لبعض الأجزاء أو الشرائط، لنسيانٍ أو إكراه ونحو ذلك بحديث الرفع، لأنـّه لا محلّ لورود حديث الرفع على السورة المنسيّة في الصلاة مثلاً، لخلوّ صفحة الوجد عنها.

وثانياً: إلى أنّ الأثر المترتّب على السورة ليس إلاّ هو الإجزاء وصحّة العبادة، ومع الغضّ عن أنّ الإجزاء والصحّة ليستا من الآثار الشرعيّة التي تقبل الوضع والرفع، لا يمكن أن يكون رفع السورة بلحاظ رفع أثر الإجزاء والصحّة، فإنّ ذلك يقتضي عدم الإجزاء وفساد العبادة، وهذا ينافي الامتنان وينتج عكس المقصود، فإنّ المقصود من التمسّك بحديث الرفع تصحيح العبادة لا إفساداها، فنفس الجزء أو الشرط المنسيّ موضوعاً وأثراً لا يشمله حديث الرفع، ولا يمكن التشبّث به لتصحيح العبادة.

وأمّا بالنسبة إلى المركّب الفاقد للجزء أو الشرط المنسيّ، فهو وإن كان أمراً وجوديّاً، قابلاً لتوجّه الرفع إليه، إلاّ أنـّه :

أوّلاً: ليس هو المنسيّ أو المكره عليه لتوجّه الرفع إليه.

وثانياً: لا فائدة في رفعه، لأنّ رفع المركّب الفاقد للجزء أو الشرط لا يثبت المركّب الواجد له، فإنّ ذلك يكون وضعاً لا رفعاً، وليس للمركّب الفاقد للجزء أو الشرط أثر إلاّ الفساد، وعدم الإجزاء، وهو غير قابل للرفع الشرعي.